صفحة :22   

مناقشة ما تقدّم:

ونقول:

1 ـ إنَّ كلَّ ما ذكر لا يبرر هذا الحكم الجائر على هذه القصيدة:

إذ إن من الواضح: أنّ عدم ذكر بعض العقائد في شعر شاعر، لا يعني أنّه قد أقسم أن لا يذكر ذلك في أيّ من أشعاره الأخرى على الإطلاق، فقد يجد مناسبة لذكر ذلك، ولو في مورد واحد في شعره كما في جيمية ابن الرومي ما حدا البعض أن ينسبه إلى الشيعة العادلية وكما في بيتي المتنبي، وهما:

وتركت مدحي للوصي تعمداً 
إذ كان نـوراً مستطيلاً شـاملاً
وإذا استقام الشــيء قــام  بنفســه
وصفات نور الشمس تذهب باطلاً

فنسب إلى التشيع بسبب هذين البيتين.. وما أكثر الأمور التي لا يتعرض لها الشاعر في شعره إلا مرة واحدة، ولاسيما إذا وجد المناسبة المثيرة لها..

2 ـ وأمّا فيما يختص بالأبيات التي ذكر أنّها لينة، لا تشبه شعر الرضيّ. فإنّنا ـ وللأسف ـ لم نجد فيها هذا اللين المدَّعى، بل نجد فيها من حسن السبك، وجمال التركيب، وقوة المعنى ما لا نجده في كثير سواها.. ومجرد دعوى ذلك، لا تسمع، ما دمنا نجد في الواقع خلافها..

3 ـ ثمّ.. من الذي قال: إنّ شعر كلّ شاعر يجب أن يكون في مستوى واحد، من حيث القوة والجزالة، وغير ذلك من خصائص؟!.. فإنّ أجواء الشاعر، ودرجات صفاء نفسه، وجودة قريحته تختلف من وقت لآخر، ومن مناسبة لأخرى..

4 ـ كما أنّ من الطبيعي أن يجد الشاعر نفسه أحياناً بحاجة إلى إنشاد شعر عاطفيّ، ولاسيّما إذا كان في مقام سبط الـنبيّ الأعظم «صلى الله عليه وآله»، وريحـانته، وسيّـد شباب أهل الجنة، أي في الحائر الحسيني الشريف.. حيث يتذكر الإنسان تلك الفظائع، والفجائع، التي ارتكبها الظالمون في حق أطهر وأقدس ناس كـانوا على وجه الأرض..

فلا عجب إذا رأيناه يضمّن شعره الكثير من الشكوى، والاستغاثة الصادقة، وإظهار المظلوميّة، إذا أراد للقصيدة أن تكون مثيرة لعواطف الناس وأحاسيسهم في مناسبة عاشوراء بالذات..

وقد يقف الثائر الذي تلمع في شعره نصول الأسنّة موقف المتظلم الشاكي، والمستغيث برسول الله «صلى الله عليه وآله» لإظهار عظمة الفاجعة، وهول الجريمة، وفظاعة المأساة..

 
   
 
 

موقع الميزان