وقد وجّه ابن عنبة نسبة الزيديّة
إليه، وقوله:
بأنّه أحقّ من قريش بالإمامة، بقوله:
«وأظنّ
إنّما نسب إلى ذلك لما في أشعاره من هذا، كقوله يعني نفسه:
هـذا أمـيــر المـؤمـنـين محمـد
طـابـت أرومه وطاب المحتد
أو مـا كفـاك بـأنّ أمـك فاطـم
وأبـاك حيدرة وجــدّك أحمــد
وأشعاره مشحونة بذلك، ومدح القادر بالله؛ فقال في تلك
القصيدة:
مـا بـيـننا يـوم الفخار تفـاوت
أبــداً كـلانا في المفـاخر معرق
إلا الخـلافــة مـيّزتــك فـإنّني
أنـا عـاطل منهـا وأنت مطوق
فقال له القادر بالله:
على رغم أنفك الشريف»([1]).
أمّا الشيخ عبد الحسين الحلي؛ فيرى:
«أن
تلك التهمة ـ الزيديّة ـ قد لصقت به من قبل آبائه
لأمّه،
بني الناصر الكبير، أبي محمد (الحسن الأطروش) صاحب الديلم.
لكن قد ثبت لدى علماء الرجال من الإماميّة،
وفي طليعتهم السيد الشريف المرتضى علم الهدى، في كتابه:
«شرح
المسائل الناصرية»
نزاهته، ونزاهة جميع بنيه عن تلك العقيدة المخالفة لعقيدة أسلافهم. سوى
أنّ اصطلاح
الكتّاب
أخيراً، جرى على تسمية الثائر في وجه الخلافة زيدياً، ولمن كان بريئاً
من عقائد الزيديّة، يريدون:
«أنّه
زيديّ النزعة، لا العقيدة».
وربّما تطرفوا؛ فجعلوا لفظ
«زيديّ»
لقباً لكل من تحمّس للثورة، وطالب بحق، زعم أنّه أهله، وإن لم يجرد
سيفاً، ولم يحد قيد شعرة عن مذهب الإماميّة في الإمامة، ولا عن طريقة
الجماعة..
ولقد كان أبو حنيفة في نقل أبي الفرج الأصبهاني زيدياً،
وكذا أحمد وسفيان الثوري وآخرون
من معاصريهم
وغيرهم.
ومراده من زيديتهم:
أنّهم يرون أنّ الخلافة الزمنيّة جائرة وأنّ الخارج آمراً بالمعروف
أحقّ بالاتّباع
والبيعة..»([2]).
وقال:
«الذي
يقال:
إنّه
إمام الزيديّة هو الملقب بالداعي إلى الحق، وهو الحسن بن زيد.. توفي
بطبرستان سنة 250..
وأمّا الحسن بن علي، الملقب بالناصر للحق الكبير، وهو
الأطروش، أحد أجداد الشريف لأمّه، والحسن أو الحسين بن علي (أو ابن
أحمد)، الملقب بالناصر الأصغر، وهو والد
أم
الشريف؛ فليسا من أئمة الزيديّة.
ومن زعم أنّ الناصر إمام الزيديّة؛ فقد اشتبه عليه
الداعي للحق، بالناصر للحق.
ولا يبعد أتباعه أنّه زيديّ، لكنّه بريء عن تبعة
اعتقادهم الخ
..»([3]).
([1])
عمدة الطالب، ص210،
وروضات الجنات ص548.
([2])
مقدمة حقائق التأويل، ص75 و76.
([3])
المصدر السابق، ص76 (الهامش).
|