الاتجاه الثاني: تعظيم خصوم الإسلام

   

صفحة :   

الاتجاه الثاني: تعظيم خصوم الإسلام:

وإذا كنا نعلم، أن من عادة الناس إذا أرادوا تكريم شخص، وتخليد اسمه، معظماً ممجداً: أن يطلقوا اسمه على إحدى المؤسسات أو الجامعات، أو على أحد الشوارع الرئيسية، وما إلى ذلك مما يدخل في هذا المجال.

فإن أبا سفيان بن حرب، الرجل الذي أنفق عمره، وكل ما قدر عليه من نفيس وعزيز في حرب الإسلام، ونبي الإسلام «صلى الله عليه وآله». وإن كان قد أعلن ـ مكرهاً ـ بالشهادتين في فتح مكة ـ أن أبا سفيان هذا ـ لم يقدم للإسلام، ولا للمسلمين أية خدمة أو نفع يذكر، يستحق به تعظيماً، وتمجيداً، دون سائر الصحابة الأخيار، الذين قدموا كل نفيس وعزيز في سبيل إعزاز هذا الدين، وظهور الإسلام على أعدائه ومناوئيه.

ولكننا نجد أن أبا سفيان هذا يستأثر من حكام الحجاز بكل عناية وتقدير، واهتمام، فيطلقون اسمه على أحد الشوارع الرئيسية في مكة، التي انطلق منها لمحاربة هذا الدين، والقضاء عليه في مهده.

والغريب الملفت هنا: أن هذا الشارع يقع في منطقة شعب أبي طالب، ناصر النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، والمدافع عن الإسلام والمسلمين بلسانه، ويده، وبكل ما يملك.

وهب أن لهم بعض العذر في تعظيمهم لأبي سفيان، لأنه جد سلفهم وإمامهم يزيد الطاغية، قاتل الحسين ومفتعل وقعة الحرة، ومنتهك حرمة البيت، والذي يصدرون الكتب في تعظيمه، والدفاع عنه.

ولكن ليت شعري، بماذا يكون الاعتذار عنهم في تعظيمهم لأعدى أعداء الدين وأشد الناس على نبي الإسلام، أعني أبا لهب، الذي نزلت فيه سورة قرآنية كاملة، لتخلد ذمه وتعلن خزيه، ولتبقى قرآناً يتلى على مر السنين والدهور ؟!

نعم.. بماذا يمكن الاعتذار عنهم على إطلاقهم اسم أبي لهب اللعين هذا على أحد الشوارع الرئيسية في أقدس بلد، يريد الله له أن يكون رمزاً للسلام والإسلام، وللإيمان والتقوى، والنبل والفضيلة والطهر، والهداية. وما هو وجه التناسب بين هذا البلد الإلهي المقدس، وبين أبي لهب المشرك عدو الله والدين والإنسانية ؟

 
   
 
 

موقع الميزان