وسائل الحرب ضد المشركين في الروايات

   

صفحة :   

وسائل الحرب ضد المشركين في الروايات:

ومن أجل استيفاء الكلام في هذا البحث، فإنا نشير إلى أمرين:

أحدهما: أن الله سبحانه حين أراد ضرب أولئك الذين يحاربون الله ورسله، ويقفون عقبة في وجه دعوة الأنبياء ـ أنه تعالى ـ قد واجههم بعذاب الاستئصال في غير مورد، ولم يبق منهم أحداً، ولا من كل ما يرتبط بهم، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾([1]).

وقال في قضية قوم عاد: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾([2]).

وقال تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾([3]). والآيات في ذلك كثيرة.

الثاني: أن هناك عدة روايات تعرضت لوسائل الحرب ضد المشركين ونجدها قررت ما فوق المقابلة بالمثل، كما وتعرض بعضها لصورة ما لو كان بينهم مسلمون يمكن أن يصابوا من جراء ضرب المشركين، ونذكر منها:

1ـ عن علي «عليه السلام»، أنه قال: يقتل المشركون بكل ما أمكن قتلهم بهم: من حديد، أو حجارة، أو ماء، أو نارٍ، أو غير ذلك([4]).

2ـ عن حفص بن غياث: سألت أبا عبد الله «عليه السلام» عن مدينة من مدائن الحرب، هل يجوز أن يرسل عليها الماء، أو تحرق بالنار، أو ترمى بالمنجنيق، حتى يقتلوا، وفيهم النساء والصبيان، أو الشيخ الكبير، والأسارى من المسلمين والتجار؟!

فقال: يفعل ذلك بهم، ولا يمسك عنهم لهؤلاء، ولا دية عليهم للمسلمين، ولا كفارة([5]).

وقد استدل العلماء بهذه الرواية في أبواب الجهاد، كما لا يخفى على من راجع كتب الفقه والاستدلال..

3ـ وعن ابن عباس: «إن ناساً من المسلمين، كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فيأتي السهم، يرمى به: فيصيب أحدهم، فيقتله، أو يضرب، فيقتل، فأنزل الله:

﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾([6])»([7])..

4 ـ وقال القاضي النعمان: «وذكر أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نصب المنجنيق على أهل الطائف، وقال:

إن كان معهم في حصنهم قوم من المسلمين، فأوقفوهم معهم، فلا تتعمدوا إليهم بالرمي، وارموا المشركين، وأنذروا المسلمين، ليتقوا، إن كانوا أقيموا كرهاً، ونكبوا عنهم ما استطعتم، فإن أصبتم أحداً ففيه الدية([8]).


 

([1]) الآية 82 من سورة هود 82 وراجع الآية 74 من سورة الحجر.

([2]) الآيتان 24 و 25 من سورة الأحقاف.

([3]) الآيتان 26 و 27 من سورة نوح.

([4]) دعائم الإسلام ج1 ص376 وعنه في مستدرك الوسائل ج2 ص249 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص154 وميزان الحكمة ج2 ص333.

([5]) الكافي ج5 ص28 والتهذيب ج6 ص142 والوسائل ج11 ص46 ومختلف الشيعة ج2 ص155 وتذكرة الفقهاء ج1 ص412 وإيضاح الفوائد ج1 ص357 ومنتهى المطلب ج2 ص909و910 وميزان الحكمة ج2 ص333 والبحار ج19 ص178 وجواهر الكلام ج21 ص65 و 66.

([6]) الآية 67 من سورة النساء.

([7]) سنن البيهقي ج9 ص12 عن البخاري، والدر المنثور ج2 ص205 عن البيهقي، وصحيح البخاري، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني. وصحيح البخاري ج2 ص79 وج4 ص144.

([8]) دعائم الإسلام ج1 ص376 ومستدرك الوسائل ج2 ص249.

 
   
 
 

موقع الميزان