التكتف والشهادة بالولاية:
وكنموذج للمفارقات في منهجه الفقهي نذكر المثال التالي:
إنه يعتبر أن في قول «أشهد
أن علياً ولي الله»
في الإقامة مفاسد كثيرة، حيث يقول وهو يتحدث عنها: «لا
أجد مصلحة شرعية في إدخال أي عنصر جديد في الصلاة، في مقدماتها
وأفعالها، لأن ذلك قد يؤدي إلى مفاسد كثيرة»([1]).
ولا ندري لماذا لا يزيلها من الأذان أيضاً، فإنه أيضاً
من مقدمات الصلاة كما هو مقتضي عبارته.
ثم يقول:
وهو يعدد مبطلات الصلاة:
«تعمد
قول آمين على الأحوط. وإن كان للصحة وجه، لا سيما إذا قصد بها الدعاء»([2]).
ثم يعد من المبطلات أيضاً:
«التفكير
ـ وهو التكتف بوضع اليد اليمنى على الشمال أو العكس، على الأحوط، ولا
سيما إذا قصد الجزئية. وإن كان الأقوى عدم البطلان بذلك، في فرض عدم
قصد الجزئية، وانتفاء التشريع، خصوصا إذا قصد به الخضوع والخشوع لله
الخ..»
([3]).
إذن، فليس لديه دليل على بطلان الصلاة بالتكتف، ولا
بقول آمين تعمدا، لكون المسألة احتياطية عنده، والاحتياط عنده يستبطن
الميل للجواز، بل بلا مانع عنده من قول آمين في الصلاة حتى لو لم يقصد
بها الدعاء، لوجود وجه للصحة عنده. وكذلك الحال بالنسبة للتكتف في
الصلاة، مع عدم قصد الجزئية.
والملفت هنا:
أنه لم يسجل أي تحفظ على ذلك ـ فلم يعتبره يؤدي إلى
مفاسد كثيرة ـ كما تحفظ على الشهادة الثالثة معتبرا لها كذلك، رغم أن
التكتف وقول آمين كلاهما مثلها عنصران جديدان دخلا في أمر واجب ـ وهو
الصلاة ـ لا في مستحب.
ثم إن هذا العنصر قد دخل في الصلاة نفسها، لا فيما
يحتمل كونه جزءا منها، رغم أن هذا الاحتمال موهون جدا..
ولماذا هذا الاحتياط في خصوص الشهادة الثالثة؟! أمن أجل
مجرد احتمال؟ أليس هو نفسه يشن هجوما قويا على كل العلماء الذين يوجبون
الاحتياط حتى في موارد الأحكام الإلزامية؟!([4]).
ولعل ما ذكرناه من التلميح يغني القارئ عن التصريح،
فيما يرتبط بموقفه من أمرين: أحدهما يرتبط بعلي «عليه السلام»، والآخر
ـ التكتف وتعمد قول آمين في الصلاة ـ يرتبط بجهة تريد أن تكرس ما سوى
خط ونهج علي «عليه السلام»!!
والذي نتمناه بعد أن حكم باستلزام ذكر الشهادة لأمير
المؤمنين «عليه السلام» ـ وفي كل من الأذان والإقامة ـ استلزامها
لمفاسد كثيرة الذي نتمناه هو أن لا يتوسل إلى ذلك بالجبر والقهر..
وذلك عملاً بالقاعدة التي استدل بها على حرمة التدخين،
وكل مضر، واستنبطها من قوله تعالى: ﴿وَإِثْمُهُمَا
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾([5]).
حيث راق له تفسير الإثم بالضرر من دون أن يكون لذلك شاهد من اللغة..
ولم يرق له تفسير النفع بالمثوبة مع عدم وجود مرجح لأحدهما على الآخر.
وبعد..
فإننا لا نريد أن نذكر هذا البعض بتعهداته بأن يكون جميع فتاويه تحظى
بموافق لها من علماء الطائفة، فإن حكمه الاحتياطي باستحباب ترك الشهادة
لعلي «عليه السلام» في الإقامة والأذان لم نجد له فيه موافقا، لا من
الأولين ولا من الآخرين، بعد تتبعنا الواسع لما يزيد على رأي مئة عالم
رضوان الله عليهم أجمعين.. فليذكر لنا ولو عالما واحدا يقول:
الأحوط استحباب ترك الشهادة بالولاية في الإقامة وفي
الأذان مع عدم قصد الجزئية.
([1])
المسائل الفقهية: ج2 ص123 ط 1996..
([2])
المسائل الفقهية: ج1 ص92 ط خامسة.
([3])
المسائل الفقهية: ج1 ص91 92 ط خامسة.
([4])
راجع: المرشد: العددان 3 ـ 4 ص263.
([5])
الآية 219 من سورة البقرة.
|