1 ـ كاشف الغطاء لا ينكر ما جرى:
إننا على الرغم من أننا نعتقد أن كاشف الغطاء لا ينكر
ما جرى على الزهراء من أحداث وبلايا فإننا نقول:
ــــــــــــــــــــ
(1)
راجع المصادر المتقدمة. (*)
/ صفحة 192 /
أولا:
إنه رحمه الله، وإن كان عالما مبرزا، لكن ذلك لا يجعله في مأمن من
الوقوع في الخطأ والاشتباه، لا سيما في أمر يحتاج إلى مزيد من التتبع
للآثار والنصوص في مصادرها، وقد رأيناه حين ذكر رأيه في مسألة الهجوم
على بيت الزهراء «عليها السلام»، وضربها وإسقاط جنينها، قد ذكر ما
استند إليه، واعتمد عليه. فالعمدة هو ذلك الدليل، فلا بد من النظر فيه
ومحاكمته، فقد لا يكون صحيحا..
وكونه من الإمامية لا يجعله في منأى عن النقد العلمي
والموضوعي لآرائه، ولما يستدل به.
ثانيا:
لعل الشيخ كاشف الغطاء يخاطب أولئك الذين يقدسون هؤلاء المهاجمين،
ويرون فيهم معيار الحق وميزان الصدق، فأراد إفهامهم حقيقة الأمر، دون
أن يثير حفيظتهم وعصبياتهم، ولذا نراه يظهر استبعاده لحصول هذا الأمر،
ثم يلقي التبعة على شخص لا حساسية لهم منه، ولا قداسة كبيرة له في
نفوسهم، وهو قنفذ العدوي.
ويؤيد هذا المعنى أنه رحمه الله إنما كتب ذلك جوابا على
سؤال ورد إليه، فهو قد راعى حال السائل، أو الحالة العامة التي لا يريد
أن يثير فيها ما يهيج أو يثير، لا سيما مع ما ظهر من اهتمامه الكبير
بأمر الوحدة فيما بين المسلمين.
ثالثا:
إننا نجد هذا العالم الجليل بالذات يصرح بحقيقة رأيه حينما لا يكون ثمة
مبرر للمجاراة، والمداراة، حيث لا يكون خطابه موجها إلى أولئك الذين
يفترض فيه أن لا يجرح عواطفهم، فتراه رحمه الله يجهر منددا بإسقاط
المحسّن، وبإضرام النار بباب فاطمة عليها الصلاة والسلام، فهو يقول:
/ صفحة 193 /
وفي الطفوف سقوط السبط منجدلا * من سقط
محسّن خلف الباب منهجه
وبـالخيام ضرام النار مـن حطب * بباب دار ابنة
الهادي تأججه(1)
رابعا:
هو نفسه رحمه الله يذكر أن هناك إجماعا على هذا الأمر، وقد تقدم شيء من
عبارته حول ذلك، ونحن نعيدها كاملة هنا مرة أخرى، وهي التالية:
«طفحت واستفاضت كتب الشيعة، من صدر الإسلام والقرن
الأول، مثل كتاب سليم بن قيس، ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده
بل وإلى يومنا هذا، كل كتب الشيعة التي عنيت بأحوال الأئمة، وأبيهم
الآية الكبرى، وأمهم الصديقة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين، وكل من
ترجم لهم، وألف كتابا فيهم، وأطبقت كلمتهم تقريبا أو تحقيقا في ذكر
مصائب تلك البضعة الطاهرة، أنها بعد رحلة أبيها المصطفى «صلى الله
عليه وآله» ضرب الظالمون وجهها، ولطموا خدها، حتى احمرت عينها وتناثر
قرطها، وعصرت بالباب حتى كسر ضلعها، وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها
كالدملج.
ثم أخذ شعراء أهل البيت سلام الله عليهم هذه القضايا
والرزايا ونظموها في أشعارهم ومراثيهم، وأرسلوها إرسال المسلمات: من
الكميت والسيد الحميري، ودعبل الخزاعي، والنميري، والسلامي، وديك الجن،
ومن بعدهم، ومن قبلهم إلى هذا العصر.
وتوسع أعاظم شعراء الشيعة في القرن الثالث عشر، والرابع
ــــــــــــــــــــ
(1)
راجع: مقتل الحسين، للسيد عبد الرزاق المقرم: ص389، منشورات قسم
الدراسات الإسلامية ـ طهران ـ ايران. (*)
/ صفحة 194 /
عشر، الذي نحن فيه، كالخطي، والكعبي، والكوازين، وآل
السيد مهدي الحليين، وغيرهم ممن يعسر تعدادهم، ويفوق الحصر جمعهم
وآحادهم.
وكل تلك الفجائع والفظائع، وإن كانت في غاية الفظاعة
والشناعة، ومن موجبات الوحشة والدهشة، ولكن يمكن للعقل أن يجوزها،
وللأذهان والوجدان أن تستسيغها، وللأفكار أن تقبلها، وتهضمها، ولا سيما
وأن القوم قد اقترفوا في قضية الخلافة، وغصب المنصب الإلهي من أهله ما
يعد أعظم وأفظع(1)».
|