أين هي غيرة علي وحميته؟!

   

صفحة :   

أين هي غيرة علي وحميته؟!:

قد رأى البعض:

إن جلوس علي «عليه السلام» في داخل البيت، وتركه زوجته تبادر لفتح الباب، يتنافى مع الغيرة والحمية، وهل يمكن أن يصدر مثل ذلك من علي عليه الصلاة والسلام!؟

ونقول في الجواب:

أولا: إنه لا شك في أن علياً «عليه السلام» هو إمام الغيارى، وهو صاحب النجدة والحمية، والحسين «عليه السلام» أيضاً إمام الغيارى كأبيه.. وقد حمل الحسين «عليه السلام» نساءه معه، ومنهم العقيلة زينب «عليها السلام» ليواجهوا المحن والبلايا، والمصائب والرزايا، لأن الله سبحانه شاء أن يراهن سبايا فكن ينقلن من بلد إلى بلد، يتصفح وجوههن القريب والبعيد، في يد الأعداء الذين لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم الموبقة، حتى مثل قتل أوصياء الأنبياء وذبح الأطفال، وسبي بنات الوحي.

وإذا كانت الحوراء زينب «عليها السلام» قد قالت لابن زياد: رضا الله رضانا أهل البيت، فإن علياً «عليه السلام» أولى من ابنته زينب بأن يرضيه ما يرضي الله سبحانه.

وبديهي أن الإمام أمير المؤمنين علياً «عليه السلام»، يريد لهذا الدين أن يستمر قويا راسخا، حتى ولو كلفه ذلك روحه التي بين جنبيه، وهو على استعداد لتحمل أنواع الأذى في هذا السبيل.

وليس في إجابة الزهراء «عليها السلام» للمهاجمين ما يتنافى مع الغيرة والحمية، كما لم يكن حمل زينب والنساء إلى كربلاء مع العلم بسبيهم يتنافى مع ذلك.

ثانيا: لقد كان النبي  «صلى الله عليه وآله» يأمر بعض زوجاته وأم أيمن بأن تجيب من كان يطرق عليه الباب(1) حين يقتضي الأمر ذلك. وهل هناك أغير من رسول الله  «صلى الله عليه وآله»؟!

وثالثا: المهاجمون هم الذين اعتدوا وفعلوا ما يخالف الدين والشرع والغيرة، والحمية، وحتى العرف الجاهلي، أما علي «عليه السلام» فلم يصدر منه شيء من ذلك، بل هو قد عمل بتكليفه، والزهراء «عليها السلام» عملت بتكليفها، والخلاف والتعدي قد جاء من قبل المهاجمين.

ــــــــــــــــــــ

(1) راجع: الاحتجاج: ج1 ص470 / 471، وكشف اليقين: ص260 / 305، والبحار: ج32، ص347، و ج39 ص267 و ج90 من 272 و ج37 ص313 و ج38 ص349، 350، 152، 121، 121، 305، 126، 356، 357، والطرائف: ص72، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي والدعوات للراوندي: ص47، ومشارق أنوار اليقين، وكشف الغمة: ج1 ص91، ومناقب الخوارزمي: ص86 و 87، وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي): ج3 ص164، وفرائد السمطين، ج1 ص331، وكفاية الطالب: ص312. (*)


/ صفحة 268 /

 
   
 
 

موقع الميزان