على الحاضرين أن ينجدوا الزهراء:
قد يقول البعض:
سلمنا أنه قد كان على الزهراء «عليها السلام» أن تتولى
هي إجابة القوم، ولكن: كيف يسمع الجالسون في داخل البيت كعلي والزبير
وغيرهم من بني هاشم ما يجري عليها ثم لا ينجدونها، بل يقعدون، ويقولون
لا حول ولا قوة إلا بالله؟!
ونقول:
أولا:
من أين ثبت لهذا القائل أنهم لم ينجدوها؟! فإن النجدة لا تعني فتح
معركة بالسلاح، والدخول في حرب.
ثانيا:
هناك نص يفيد: أنها هي التي أنجدت علياً «عليه السلام» حين أخذوه،
فاعتدوا عليها بالضرب، يقول النص: «فحالت فاطمة «عليها السلام» بين
زوجها وبينهم عند باب البيت، فضربها قنفذ بالسوط الخ...»، ثم تذكر
الرواية، كسر ضلعها، وإسقاط جنينها صلوات الله وسلامه عليها(1).
وثالثا:
إذا كان إنجادها يوجب تفاقم المشكلة إلى درجة كان النبي «صلى الله
عليه وآله» قد نهى علياً «عليه السلام» عن بلوغها، لما في ذلك من خطر
على الدين، فإن هذا الإنجاد يصبح معصية لأمر رسول «صلى الله عليه
وآله»، وخيانة للدين، وتفريطا عظيما فيما لا يجوز التفريط به من مصلحة
الأمة، وعلى الأخص، إذا كان ذلك يهيئ الفرصة للمهاجمين لافتعال مشكلة
تضيع على الناس إمكانية معرفة الحق.
وقد كان من واجب علي والزهراء «عليهما السلام» ـ على حد
سواء ـ أن يحفظا للأمة، وللأجيال، حقها في معرفة الحقيقة، وأن يضيعا
على الآخرين فرصة تشويه الحقائق، وذلك هو ما فعله علي «عليه السلام»
بالفعل، وهو الإمام المعصوم الذي لا يهم ولا يخطئ.
ورابعا:
هناك نص يقول: إن علياً «عليه السلام» قد بادر إلى إنجادها ففر
المهاجمون، ولم يواجهوه، يقول النص المروي عن عمر،
ــــــــــــــــــــ
(1)
الاحتجاج: ج1 ص212. (*)
/ صفحة 300 /
والمتضمن كون عمر ركل الباب برجله، وأصيب حمل فاطمة:
دخل عمر، وبادرها بضرب خديها من ظاهر الخمار ف «خرج علي، فلما أحسست
به أسرعت إلى خارج الدار، وقلت لخالد، وقنفذ ومن معهما: نجوت من أمر
عظيم».
وفي رواية أخرى:
قد جنيت جناية عظيمة، لا آمن على نفسي. وهذا علي قد برز من البيت، وما
لي ولكم جميعا به طاقة، فخرج علي، وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف
عنها، وتستغيث بالله العظيم ما نزل بها الخ(1).
وستأتي نصوص أخرى عن مصادر أخرى في القسم المخصص للنصوص
إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــ
(1)
البحار: ج30 ص393 و 395. (*)
الفصل
الثامن
مـن
هـنـا وهـنـاك
/ صفحة 303 /
|