إجابة علي عليه السلام لا تجعله ولياً

   

صفحة : 18-19  

إجابة علي عليه السلام لا تجعله ولياً:

وذكر ابن تيمية أيضاً: أن مجرد الإجابة للمعاونة، لا يوجب أن يكون المجيب وصياً ولا خليفة بعده «صلى الله عليه وآله»، فإن جميع المؤمنين اجابوا إلى الإسلام، وأعانوا، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيله.

كما أنه لو أجابه الأربعون، أو جماعة منهم، فهل يمكن أن يكون الكل خليفة له؟!([1]).

ونجيب:

أولاً: قال الشيخ المظفر: «إن قوله ـ أي قول النبي «صلى الله عليه وآله» ـ هذا ليس علة تامة للخلافة، ولم يدِّع ذلك النبي «صلى الله عليه وآله»، ليشمل حتى من لم يكن من عشيرته. بل أمره الله بإنذار عشيرته، لأنهم أولى بالدفع عنه ونصره، فلم يجعل هذه المنزلة إلا لهم، وليعلم من أول الأمر أن هذه المنزلة لعلي «عليه السلام»، لأن الله ورسوله يعلمان: أنه لا يجيب النبي «صلى الله عليه وآله» ولا يؤازره غير علي «عليه السلام».

فكان ذلك من باب تثبيت إمامته بإقامة الحجة عليهم. ومع فرض تعدد المجيبين يعين الرسول الأحق بها منهم»([2]).

ويوضح هذا الأمر، ما ورد من أنه «صلى الله عليه وآله» قال: «إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له أخاً، ووزيراً، ووصياً، ووارثاً من أهله. وقد جعل لي وزيراً كما جعل للأنبياء من قبلي».

إلى أن قال: «وقد ـ والله ـ أنبأني به، وسماه لي. ولكن أمرني أن أدعوكم، وأنصح لكم، وأعرض عليكم، لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد..»([3]).

فقد دل هذا النص: على أنه «صلى الله عليه وآله» كان يعرف أنهم سوف لا يجيبونه، باستثناء علي «عليه السلام».

ثانياً: إن ظاهر قوله «صلى الله عليه وآله»: أيكم يؤازرني الخ.. أن الخطاب كان لواحد منهم على سبيل البدل، فالذي يجيب منهم أولاً يكون هو الوصي والولي. وتقارن إجابة اثنين أو أكثر بعيد الحصول..

ولو أجابه أكثر من واحد.. فإنه سوف يكل أمر التعيين إلى ما بعد ظهور المؤازرة، فمن كانت مؤازرته أتم وأعظم، وأوفق بمقاصد الشريعة، وظهر أنه الأقوى والأليق بالمقام، فإنه سيختاره دون غيره..

ثالثاً: ليس المطلوب هو المؤازرة له في الجملة ليقال: إن سائر المسلمين قد آزروه في الجملة. بل المراد المؤازرة التامة في كل موطن وموقف، مثل النوم على فراشه «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة، وقلع باب خيبر، وقتل صناديد العرب، وما إلى ذلك.. ولم يحصل ذلك إلا من أمير المؤمنين «عليه السلام».


 

([1]) منهاج السنة ج4 ص81 ـ 83.

([2]) دلائل الصدق ج2 ص236.

([3]) بحار الأنوار ج18 ص215 و 216 وسعد السعود ص106.

 
   
 
 

موقع الميزان