صفحة :

خذني معك:

وكل ما ذكرناه يعطي: أنه لا بد أن يترك القرار الحاسم لأهله، وليس هو إلا علي، ذلك الإنسان الإلهي الذي يراه الناس صغيراً.. وهو الكبير الكبير، الذي لا تستطيع أوهامهم أن تلامس أدنى شوامخه.. وليكن القرار من صبي ـ بنظرهم ـ عرفوا عنه أنه يقرر وينفذ، كل ما يراه حقاً وصواباً، ولا يتراجع ولا يتوقف عن العمل بالحق، حتى لو عارضه فيه الشيوخ والكبار من قومه أو من غيرهم.. فلا يمكنهم اتهام أي كان من الناس بأنه أغرى علياً في أمر لم يدرك علي صوابه من خطأهِ، فبادر إلى ما أغري به..

وهكذا كان.. فقد قال علي «عليه السلام» لرسول الله «صلى الله عليه وآله»: خذني معك، ولم يخبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتفصيل ما صمم عليه..

ويأخذه «صلى الله عليه وآله» معه.. ويواجه طغيان الصبيان، فلا يقابلهم بالمثل أي برميهم بالتراب والحجارة، إذ يمكنهم حشد الكثيرين الذين يمكن أن يتوزعوا فرقاً، ثم ليتصدى فريق منهم لعلي «عليه السلام»، ويتولى الفريق الآخر إيذاء رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالحجارة والتراب، بل قرر أن يحسم الأمر، وأن يفهم أولئك الصبيان وآباءهم أن ثمرة عملهم هو لحوق الأذى بكل واحد منهم بشخصه، وأن الأمر لن يكون مجرد مراماةٍ بالتراب والحجارة، تصيب أو لا تصيب، أو تؤلم أو لا تؤلم، بل ثمة ألم حقيقي لكل فرد منهم لا نجاة لهم منه، من دون أن يكون لهم قدرة على المقابلة بالمثل.

 
   
 
 

موقع الميزان