علي عليه السلام
والإستغفار لأبي طالب عليه السلام:
سيأتي قول الشريف النسابة العلوي، المعروف بالموضح:
أنه لما مات أبو طالب وشيع حمزة وجعفر([1])،
وعلي«عليهم السلام»، جنازته، واستغفروا له.
قال قوم:
نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين أيضاً ـ ظناً منهم أن أبا طالب
مات مشركاً؛ لأنه كان يكتم إيمانه.
فمن قال بكفر أبي طالب «عليه السلام»، فقد حكم على
النبي بالخطأ، والله تعالى قد نزهه عنه في أقواله وأفعاله الخ..([2]).
وروي بسند
صحيح ـ كما يقول الأميني ـ أن علياً «عليه السلام»:
سمع رجلاً يستغفر لأبويه، وهما مشركان؛ فذكر الإمام علي «عليه السلام»
ذلك للنبي «صلى الله عليه وآله»، فنزلت آية النهي عن الاستغفار
للمشركين([3]).
وفي أخرى:
أن المسلمين قالوا: ألا نستغفر لآبائنا؟! فنزلت([4]).
أما الرواية
التي تقول:
أن الآية نزلت حين استأذن «صلى الله عليه وآله» الله
تعالى في الاستغفار لأمه، فلم يأذن له، ونزلت الآية، فسأله أن يزور
قبرها، فأذن له([5]).
فلا يصح
الأستدلال بها على ما نحن بصدده، ولا على غيره، لأننا أثبتنا أن أباء
النبي «صلى الله عليه وآله» كانوا من المؤمنين، فلا تصح دعوى نهي الله
تعالى نبيه عن الإستغفار لأمه.
وفي جميع
الأحوال نقول:
لا مجال لما
يدعونه من أن الآية المذكورة قد نزلت في أبي طالب، خصوصاً إذا أضيف
إليه
ما
قدمناه من شواهد وأدلة على إيمان شيخ الأبطح، وأضيف إليه أيضاً أن
الآية بصدد نهي طائفة من المؤمنين الاستغفار
لأقاربهم
من أهل الشرك.
ويكون ذكر النبي «صلى الله عليه وآله» في جملتهم في
الآية الشريفة نظير قوله تعالى: ﴿لَقَدْ
تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ
بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾([6])
فإنه من أجل طمأنتهم، وتأنيسهم، والرفق بهم،
والمداراة لهم، لا لأنه «صلى الله عليه وآله» كان يفعل كفعلهم، فإن
النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليقدم على أمر حتى يعرف رضا الله به،
ويستأذنه سبحانه وتعالى فيه.
([1])
لقد كان جعفر بالحبشة، فإما أن يكون قد جاء في زيارة قصيرة ثم
رجع. وإما أن يكون الراوي ذكره من عند نفسه، سهواً أو عمداً.
([2])
الغدير ج7 ص399 عن كتاب الحجة لابن معد ص68.
([3])
الغدير ج8 ص12 ومصادر أخرى ستأتي إن شاء الله تعالى.
([4])
مجمع البيان ج5 ص76 عن الحسن، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير
ج2 ص393 وأبو طالب مؤمن قريش ص348 عنهما، وعن الأعيان ج39 ص158
و 159 عن ابن عباس والحسن، والكشاف ج2 ص246.
([5])
جامع البيان للطبري ج11 ص31 والدر المنثور ج3 ص283 وإرشاد
الساري ج7 ص282 و 158 عن مسلم في صحيحه، وتفسير القرآن العظيم
ج2 ص394 وأحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وابن
ماجة، والحاكم،
والبيهقي، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه والكشاف ج2
ص49 وأبو طالب مؤمن قريش ص349. وراجع: تفسير الثعلبي ج5 ص100
وتفسير البغوي ج2 ص331 والغدير ج8 ص13 وفتح الباري ج8 ص390
والمحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص90 وتفسير العز بن عبد
السلام ج2 ص54 والعجاب في بيان الأسباب ج1 ص370 وإيمان أبي
طالب ص123 و 124.
([6])
الآية 117 من سورة التوبة.
|