وحين استسقى
النبي
«صلى الله عليه وآله»
لأهل المدينة، وخاف أهل المدينة من الغرق، وقال
«صلى الله
عليه وآله»:
اللهم حوالينا ولا علينا.. قال
«صلى الله
عليه وآله»
وهو على المنبر: «لله در أبي طالب، لو كان حياً
لقرّت عيناه،
من الذي ينشدنا شعره»؟!
فقال علي «عليه السلام»:
يا رسول الله، كأنك أردت قوله:
وأبـيـض
يستسقى الغمام بوجهـه ثمـال الـيـتـامى عصمة لـلأرامـل
قال:
أجل. فأنشده أبياتاً من القصيدة، ورسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
يستغفر لأبي طالب على المنبر إلخ..([1]).
ونقول:
1 ـ
لا ريب في أن أمير المؤمنين «عليه السلام»
هو الذي يفهم مرامي رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويترجمها سلوكاً
وحركة وموقفاً..
2 ـ
إن طلب رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
إنشاد خصوص هذا الشعر في هذه المناسبة، ثم استغفر له، وهو على المنبر،
لعله لأجل أن يتناقل الناس موقفه هذا من أبي طالب رضوان الله تعالى
عليه، لأنه الرجل العظيم، الذي تتعمدون الإفتراء عليه
في أغلى شيءٍ لديه، ألا وهو دينه وإيمانه، فيتهمونه بالكفر والشرك..
3 ـ
قد يستفاد من هذا الموقف النبوي الكريم أن أبا طالب حين قال هذه
القصيدة لم يكن ينساق وراء تخيلاته الشعرية، بل كان
يعبر عن وقائع
يعلمها، ويعتقد بها.
4 ـ
لقد حرص النبي
«صلى الله
عليه وآله»
على ألا ينشد هو هذا الشعر، لا لأنه لا يحسن التكلم به، فإن ذلك غير
مقبول.. بل لعله كان يخشى أن يقول المتقولون الحاقدون بأن له يداً في
صنع هذا الشعر، ونسبته إلى أبي طالب.
ولعله يريد
ايضاً أن يظهر امتياز علي «عليه السلام»،
وفهمه مرامي وإشارات رسول الله «صلى الله عليه وآله» أكثر من كل من
عداه..
أو أن كلا
هذين الأمرين أو غيرهما مما ينضم إليهما كان مقصوداً له أيضاً..
([1])
الغدير ج7 ص374 و 375 عن أعلام النبوة للماوردي ص77 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج14 ص81 والسيرة الحلبية ج1 ص116 و (ط دار
المعرفة) ج3 ص270 وبدائع الصنائع ج1 ص283 وعمدة القاري ج7 ص31
وشرح شواهد المغني ج1 ص398 وأسنى المطالـب ص26 وطلبـة الطالـب
ص43 والسـيرة = = النبوية ج1 ص43 وروضة الواعظين ص139 ومستدرك
الوسائل ج10 ص388 والأمالي للمفيد ص303 والأمالي للطوسي ص75
ومناقب آل أبي طالـب
ج1 ص24 وبحار الأنوار ج18 ص2 وج35 ص75 وج88 ص332 وجامع أحاديث
الشيعة ج12 ص574 وفتح الباري ج2 ص411 والأحاديث الطوال ص73
والتمهيد لابن عبد البر ج22 ص66 وكنز العمال ج8 ص438 وإمتاع
الأسماع ج5 ص125 و 127 وتنبيه الغافلين ص69 وإيمان أبي طالب
ص60.
|