علي
عليه السلام
وآية النهي عن الإستغفار للمشركين:
وذكر الشريف النسابة العلوي المعروف بـ «الموضح»
بإسناده:
أن أبا طالب لما مات لم تكن الصلاة
على الموتى، فما صلى النبي «صلى الله عليه وآله»، على أبي طالب ولا على
خديجة، وإنما اجتازت جنازة أبي طالب، وعلي، وجعفر، وحمزة جلوس، فقاموا،
وشيعوا جنازته، واستغفروا له.
فقال قوم:
نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين أيضاً ـ ظناً منهم أن أبا طالب
مات مشركاً، لأنه كان يكتم إيمانه ـ فنفى الله
عن أبي طالب الشرك، ونزّه نبيه والثلاثة المذكورين من الخطأ في قوله: ﴿مَا
كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا
لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾([1])»([2]).
وعن علي
«عليه السلام»:
أنه سمع رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فذكر «عليه السلام» ذلك
للنبي
«صلى الله عليه وآله»،
فنزلت آية النهي عن الإستغفار للمشركين([3]).
ونقول:
قد دلت هاتان
الروايتان على إيمان أبي طالب رضوان
الله تعالى عليه، إلا أن في الرواية الأولى إشكالين، يحتاجان إلى جواب،
وهما:
الأول:
قد ذكرت الرواية الأولى جعفر بن أبي طالب في جملة الذين شيعوا جنازة
أبي طالب رضوان الله تعالى عليه..
ومن المعلوم:
أن جعفراً كان حينئذٍِ في بلاد الحبشة، ورجع منها إلى المدينة سنة فتح
خيبر، إلا أن يقال: إنه عاد لفترة وجيزة إلى مكة، حين سرت شائعة بلغت
المسلمين في الحبشة مفادها أن الوئام والسلام قد حلّ بين المشركين
والمسلمين.. فعاد قسم منهم إلى مكة فوجدوا أن هذا الأمر لا حقيقة له،
فمكثوا يسيراً ثم عادوا أدراجهم..
الثاني:
إنه ليس من المعقول: أن تُشَيَّع جنازة
أبي طالب، ولا يحضر تشييعها أخوه حمزة، وابناؤه البررة به منذ اللحظة
الأولى لبدء التشييع، فما معنى قول الرواية: «اجتازت جنازة أبي طالب،
وعلي وجعفر، وحمزة جلوس، فقاموا وشيعوا جنازته».
([1])
الآية 113 من سورة التوبة.
([2])
بحار الأنوار ج35 ص127 والغدير ج7 ص399 عن كتاب الحجة على
الذاهب إلى تكفير أبي طالب لابن معّد ص68 و (ط دار سيد الشهداء
ـ قم) ص268.
([3])
أسنى المطالب ص18 ومسند أحمد ج1 ص130 و 131 والمستدرك للحاكم
ج2 ص335 وعمدة القاري ج8 ص182 ومسند أبي يعلى ج1 ص457 وكنز
العمال ج2 ص421 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1893 والإتقان في علوم
القرآن ج1 ص98 والدر المنثور ج3 ص282 وفتح القدير ج2 ص411
وإيمان أبي طالب ص122 وشيخ الأبطح، وأبو طالب مؤمن قريش
والغدير ج8 ص12 عن الطيالسي وأحمد، وابن أبي شيبة، والترمذي،
والنسائي، وأبي يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم،
وابي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، والحاكم
وصححه والضياء في المختارة، والإتقان، وأسباب النزول، والكشاف،
وابن كثير، وأعيان الشيعة..
|