علي عليه السلام يتعاهد النبي صلى الله عليه وآله في الغار

   

صفحة : 165-167  

علي عليه السلام يتعاهد النبي صلى الله عليه وآله في الغار:

ويقولون: إن النبي «صلى الله عليه وآله» مكث في الغار حتى ذهب الطلب عنه. وكان أمير المؤمنين «عليه السلام» يأتي النبي «صلى الله عليه وآله» بالطعام والشراب في تلك الفترة([1]).

وهذا هو المتوقع، والأمرالطبيعي، حيث إن علياً «عليه السلام» ـ وحده ـ الذي كان يعلم إلى أين توجه النبي «صلى الله عليه وآله».

ولا يصح ما زعموه من أن أسماء بنت أبي بكر هي التي هيأت للنبي «صلى الله عليه وآله» ولأبي بكر زادهما، وكانت تأتيهما إذا أمست بما يصلحهما من الطعام..

وادعوا أنها سميت بذات النطاقين، لأنها قطعت نطاقها قطعتين، فشدت فم الجراب الذي فيه الشاة المطبوخة بواحدة، وشدت فم القربة بالأخرى..

وكذا لا يصح ما زعموه: من أن عامر بن فهيرة كان يروح على النبي «صلى الله عليه وآله» وعلى أبي بكر، بمنحة غنم لأبي بكر، كان يرعاها ليحلب لهما.

ولا يصح أيضاً قولهم: إن عبد الله بن أبي بكر كان يأتيهما بالأخبار من مكة إلى الغار([2]).

نعم لا يصح هذا.. ولا ذاك، ولا ذلك..

أولاً: لأن هؤلاء: أسماء، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أبي بكر، لم يكونوا يعرفون إلى أين توجه رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأبو بكر. بل ادّعوا: إن علياً «عليه السلام» هو الذي أعلم أبا بكر بالجهة التي قصدها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة، فلحقه في الطريق، وذهب معه إلى الغار، ولم ينقل أنه رجع إلى بيته فأخبرهم بمقصده ومسيره.

ثانياً: ادعوا: أن هاتفاً من الجن أخبر عائلة أبي بكر بمسيرهما إلى المدينة في أبيات أنشدها، وذلك في اليوم الثاني من خروجهما من الغار([3]).

ثالثاً: قد احتج علي «عليه السلام» بهذا الأمر في يوم الشورى، فقال: «نشدتكم بالله، هل فيكم أحد كان يبعث إلى رسول الله الطعام وهو في الغار، ويخبره الأخبار غيري؟!

قالوا: لا..»([4]).

رابعاً: ذكروا أيضاً: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أرسل إلى علي «عليه السلام» يطلب منه أن يبعث إليه براحلة وزاد، ففعل.. وأرسل أبو بكر يطلب من ابنته ذلك، فأرسلت إليه بزاد وراحلتين، أي له، ولعامر بن فهيرة([5]).

ولعل هاتين الراحلتين هما اللتان اشتراهما علي لرسول الله «صلى الله عليه وآله» من أبي بكر حسبما تقدم([6]). فيكون أبو بكر قد هاجر على راحلة اشتراها الرسول من أبي بكر نفسه!

وثمة مناقشات أخرى لأقاويلهم الآنفة الذكر، فراجع حديث الهجرة في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» الجزء الرابع.


 

([1]) راجع: ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص138 واعلام الورى ص190 وبحار الأنوار ج19 ص84 عنه، وتيسير المطالب في أمالي أبي طالب ص75.

([2]) السيرة الحلبية ج2 ص39 والسيرة النبوية لابن هشام وكنز العمال (ط الهند) ج22 ص210 عن البغوي وابن كثير.

([3]) السيرة الحلبية ج2 ص51.

([4]) الإحتجاج (ط النجف) ج1 ص204.

([5]) اعلام الورى ص63 وبحار الأنوار ج19 ص70 و 75 عنه، وعن الخرائج والجرائح، وعن قصص الأنبياء.

([6]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص138 والدر المنثور، وفي تيسير المطالب ص75 أنه استأجر الرواحل الثلاث.

 
   
 
 

موقع الميزان