ما يقال عن موقف فاطمة عليها السلام من الزواج

   

صفحة : 28-30   

ما يقال عن موقف فاطمة عليها السلام  من الزواج:

وذكر الحلبي: أنه لما استشار الرسول «صلى الله عليه وآله» فاطمة «بكت، ثم قالت: كأنك يا أبت إنما ادخرتني لفقير قريش ؟!

فقال «صلى الله عليه وآله»: والذي بعثني بالحق، ما تكلمت في هذا حتى أذن لي الله فيه من السماء.

فقالت فاطمة «عليها السلام»: لقد رضيت ما رضي الله ورسوله»([1]).

وزعمت روايات أخرى: أنه «صلى الله عليه وآله» لما رأى تغيرها خشي أن يكون ذلك من أجل أن علياً «عليه السلام» لا مال له، فراجع المصادر الكثيرة المتقدمة في أول الحديث عن هذا الزواج.

وعن ابن إسحاق : أن علياً لما تزوج فاطمة «عليهما السلام»، قالت للنبي «صلى الله عليه وآله»: زوجتنيه أعيمش، عظيم البطن؟!

فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: لقد زوجتكه، وإنه لأول أصحابي سلماً الخ..([2]).

ونحن لا نصدق كل ذلك. أما:

أولاً: فلأن رواية الحلبي تدل على سوء ظن فاطمة «صلوات الله وسلامه عليها» بأبيها الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله»، وهي أبر وأتقى، وأجل من أن يحتمل في حقها ذلك. وهي التي لو لم يخلق علي «عليه السلام» لم يكن لها كفؤ على وجه الأرض، وقد أذهب الله عنها الرجس، وطهرها تطهيراً، إلى غير ذلك مما يدل على مقامها السامي، الذي نالته بفضل عمق إدراكها، وحسن معرفتها، وعظيم تقواها.

ثانياً: إن الذي يطالع سيرة فاطمة «عليها السلام» وحياتها، يخرج بحقيقة لا تقبل الشك، وهي: أنها لم تكن تقيم لحطام الدنيا وزنا أبداً، أليست هي التي طحنت حتى مجلت يدها؟! ثم قبلت بالتسبيح عوضاً عن الخادم الذي كانت بأمس الحاجة إليه؛ ليرفع عنها بعض ما تعانيه؟!.

أليست هي التي بقيت ثلاثة أيام طاوية هي وزوجها، وولداها، وفضة، وآثرت اليتيم، والمسكين، والأسير بالطعام؟!

أليست هي التي رضيت بإهاب كبش تنام عليه هي وزوجها ليلاً، ويعلفان عليه ناضحهما نهاراً؟!.

إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.

ثالثاً: بالنسبة لكونه أعيمش عظيم البطن نقول:

قد تقدم في فصل شمائل علي «عليه السلام»: أن ذلك غير صحيح.. فإن كانت «عليها السلام» قد قالت ذلك، فإنما قالته لتخبر أباها «صلى الله عليه وآله» بما تقوله نساء قريش  لتسمع الناس الجواب النبوي القاطع في ذلك. فلاحظ ما يلي.


 

([1]) السيرة الحلبية ج2 ص206 و (ط دار المعرفة) ج2 ص471 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص91 وج23 ص477 و 484 وج30 ص551 وج33 = = ص333     وليراجع: بحار الأنوار ج43 ص139 وكشف الغمة ج1 ص267 و (ط دار الأضواء) ج1 ص377 عن مناقب الكنجي، وكنز العمال ج15 ص95 والمستدرك للحاكم ج3 ص129 ومجمع الزوائد ج9 ص112 ونزهة المجالس ج2 ص226 وتاريخ بغداد ج4 ص195 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص418 والمراجعات ص304 والغدير ج2 ص318 والمعجم الكبير للطبراني ج11 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص135 وميزان الإعتدال ج1 ص26 والكشف الحثيث ص216 ولسان الميزان ج1 ص45 وأعيان الشيعة ج1 ص357 .

([2]) مجمع الزوائد ج9 ص102 والمعجم الكبير ج1 ص94 والمصنف للصنعاني ج5 ص490 وكنز العمال ج11 ص605 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص154 و 155 وج15 ص330 وج20 ص287 و 517 وج23 ص537 و 548 وج31 ص268 و 270 وتهذيب الكمال ج20 ص484 ومناقب أهل = = البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص44 و 144 والغدير ج3 ص95 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص104 وراجع ما ذكره المحمودي في هامشه.

 

   
 
 

موقع الميزان