عودة رسول الله
صلى الله عليه وآله
إلى المدينة:
قالوا:
«ورحل رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
والراية مع علي «عليه السلام» وهو بين يديه نحو المدينة ، فلما أن أشرف
بالراية من العقبة ورآه الناس نادى علي «عليه السلام»: أيها الناس، هذا
محمد لم يمت ولم يقتل.
فقال صاحب الكلام الذي قال:
«الآن يسخر بنا وقد هزمنا»؟!: هذا علي، والراية بيده..
فبينما هم كذلك إذ هجم عليهم النبي
«صلى الله
عليه وآله»،
ونساء الأنصار
في أفنيتهم على أبواب دورهم، وخرج الرجال إليه يلوذون
به»([1]).
فترى:
أن علياً «عليه السلام»، وإن كان قد جاء أهل المدينة بالبشارة بسلامة
رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
لكنهم ـ فيما يظهر ـ لم يصدقه بعضهم، بل قال بعضهم:
الآن يسخر بنا وقدهزمنا؟!.
ثم لما جاء
حاملاً لراية النبي، وأشرف بالراية على العقبة ونادى في الناس بسلامة
النبي
«صلى الله عليه وآله»،
لم يصدقه ذلك البعض أيضاً.. ولعل ذلك لأنهم يفكرون وفق الحسابات
المادية، التي كانت تشير كلها إلى أن من غير المعقول أن ينتصر الرسول
بعد أن فر عنه أصحابه، رجع قسم منهم إلى بيوتهم في المدينة
،
وبقوا فيها.. وكان قسم منهم لا يزال متخفياً عن الأنظار، وعلم الناس أن
سائر أصحابه قد هربوا إلى الجبل أيضاً، ولم يبق معه سوى علي «عليه
السلام»، ليواجه هو وإياه آلافاً من العساكر الحاقدة، والمدججة
بالسلاح.
ولعلهم حين
طلع علي «عليه السلام» من العقبة وبشرهم بحياة النبي ظنوا: أن علياً
فقط الذي بقي حياً، أما النبي فلا..
واللافت
هنا:
أن علياً «عليه السلام» قال لهم: هذا محمد لم يمت ولم يقتل مستعملاً
ألفاظ الآية الكريمة ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ
قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾([2])
التي نزلت للتعريض بهم حيث صاروا يقولون: مات محمد أو قتل محمد.
فإستعمل علي «عليه السلام» نفس تلك الكلمات، ولم يقل هذا النبي أو
الرسول إذ قد يتوهم متوهم أنه يتحدث عن مقام النبوة والرسالة، لا عن
النبي
«صلى الله
عليه وآله».
فذكر النبي
«صلى الله
عليه وآله»
باسمه، ليزيل أي ريب وشبهة في ذلك ولكن ذلك لم ينفع حتى طلع عليهم
النبي
«صلى الله عليه وآله»
نفسه.
([1])
الكـافي ج8 ص321 الحـديث رقم502 وبحار الأنوار ج20 ص109 وشرح =
= أصول الكافي ج12 ص448 والصافي ج1 ص388 ونور الثقلين ج1 ص398
وكنز الدقائق ج2 ص246.
([2])
الآية 144 من سورة آل عمران.
|