صفحة :40-42    

هذا ضرب الرحمان لعثمان  :

ويقولون: إن عثمان رأى درع علي «عليه السلام» تباع في السوق ليلة عرسه؛ فدفع لغلام أربعمائة درهم، وأرسله إليه، وأقسم عليه أن لا يخبره بذلك، ورد الدرع معه.

فلما أصبح عثمان وجد في داره أربعمائة كيس، في كل كيس أربعمائة درهم، مكتوب على كل درهم: «هذا ضرب الرحمن لعثمان بن عفان».

فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك، فقال: هنيئاً لك يا عثمان ([1]).

ولا شك في أن هذا كذب محض.

فقد ذكر الحلبي عن فتاوى الجلال السيوطي: أنه سئل: «هل لهذه القصة أصل؟!

فأجاب عن ذلك كله: بأنه لم يصح. أي وهي تصدق بأن ذلك لم يرد، فهو من الكذب الموضوع»([2]).

وقال ابن درويش الحوت: كذب شنيع([3]).

والعجيب هنا: أننا لم نجد لتلك المائة وستين ألف درهم أثراً في المتاحف العالمية، ولا تداولها الناس، ولا احتفظوا بها تبركاً وتيمناً بأنها من «ضرب الرحمن لعثمان بن عفان»!!.

مع أنهم قد احتفظوا بشعر نبيهم، وحتى بالخرق التي مست جسده، والمواضع التي صلى فيها؛ فهل كان نبيهم أعز عليهم من ربهم؟! أو حتى من عثمان؟! وهو الذي تؤيده السياسة على مر العصور، في حين أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يتعرض لمحاولات لطمس اسمه، ومحو آثاره.

وكم كنت أود لو أنني أرى خط الرحمن، كيف هو؟! وأقارن بينه وبين قواعد الخطوط الموجودة على الأرض؛ لكي أرى إن كان يستطيع أن يضارع ما أنتجه الخطاطون البارعون من مخلوقاته؟!!.

ولست أدري أيضاً: أين كان الأمويون عن هذه الفضيلة العظيمة، لشيخهم وخليفتهم؟!. ولم لم يظهروا تلك الدراهم للمباهاة بها؟! أو على الأقل: لم لم يذكروا الناس بدعوات النبي «صلى الله عليه وآله» له؟! كما ذكرته الرواية الأخرى التي تقول: إن عثمان قد اشترى الدرع من علي، فجاء به علي «عليه السلام» وبالمال إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فدعا له بدعوات([4]).

نعم، لِمَ لَمْ يذكِّروا الناس بهذه الدعوات، مع أنهم كانوا بأمس الحاجة إلى ذلك، في صراعهم ضد علي «عليه السلام»، وضد الصحابة الأخيار، الذين كانوا في المدينة حين قتل عثمان، ولم يحركوا ساكناً، أو أنهم شاركوا في قتله، أو في التأليب عليه.

 

([1]) الغدير ج9 ص376 والسيرة الحلبية ج2 ص206 و (ط دار المعرفة) ج2 ص471 وللرواية نص آخر يخالفها كثيراً في المناقب للخوارزمي ص252 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص348 و 349 وبحار الأنوار ج43 ص129 و 130 وكشف الغمة ج1 ص368 ومجمع النورين ص57.

([2]) السيرة الحلبية ج2 ص206 و (ط دار المعرفة) ج2 ص472.

([3]) الغدير ج5 ص322 وج9 ص376 والوضاعون وأحاديثهم ص400.

([4])  المناقب للخوارزمي ص252 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص348 و 349 وبحار الأنوار ج43 ص129 و 130 وكشف الغمة ج1 ص368 ومجمع النورين ص57.

 
   
 
 

موقع الميزان