وقد حاولت بعض
نصوص الرواية تلطيف نصها، وتحاشي الكثير من مواضع الإشكال، فهي تقول:
إن علياً «عليه
السلام»
خطب ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام
،
فاستشار علي «عليه السلام» رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقال «صلى الله عليه وآله»:
أعن حسبها
تسألني؟!
قال علي «عليه السلام»:
قد أعلم ما
حسبها، ولكن أتأمرني بها؟!
قال «صلى الله عليه وآله»:
لا، فاطمة
بضعة
مني، ولا أحب أنها تحزن أو تجزع.
قال علي
«عليه السلام»:
«لا آتي شيئاً تكرهه»([1]).
ونقول:
إن هذه
الرواية قاصرة
عن إفادة المقصود، لا سيما وأنها تشتمل على التناقض في مضمونها، إذ لا
معنى للخطبة، ثم الاستشارة، فان الاستشارة تكون قبل الخطبة، لا سيما
بملاحظة قوله: أتأمرني بها
الخ..
كما أنها
تضمنت إتهام الزهراء
«عليها
السلام»
بأنها تحزن وتجزع من فعل الأمر المحلل. مع أنه حزن وجزع يرتبط بأمر
شخصي يخضع للهوى، ولا بتعلق شيء من أمور الدين.
يضاف إلى ذلك كله:
أن هناك ما يدل على تحريم النساء على علي
«عليه
السلام»
في حياة فاطمة
كرامة
وإجلالاً لها
«صلوات
الله وسلامه عليها»..
فلماذا يخالف علي
«عليه
السلام»
هذا الحكم الثابت؟!.
إلا أن يقال:
إنه لم يكن
عالماً به، قبل هذه الحادثة. وقد علم به بعدها..
ويرد هذا القول:
أنه
«عليه
السلام»
باب مدينة علم الرسول
«صلى
الله عليه وآله»،
وهو أيضاً الإمام المعصوم الذي لا يحتمل في حقه الجهل بتكاليف نفسه.
كما أنه لو صح
ذلك، لكان على النبي «صلى الله عليه وآله» أن يخبره بهذا التحريم، لا
أن يقول له عن فاطمة
: لا
أحب أن تحزن وتجزع.
([1])
المستدرك للحاكم ج3 ص158 وتحفة الأحوذي ج10 ص250 والمصنف لابن
أبي شيبة الكوفي ج7 ص527 وعمدة القاري ج20 ص212 وسير أعلام
النبـلاء
ج2 ص124 وسيرة ابن إسحـا
XE "ابن إسحاق"
ق ج5
ص238 وكـنز
العـمال
ج16=
=
ص280
و (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص674 و 678 عن أبي يعلى، والمصنف
للصنعاني ج7 ص301 وفتح الباري ج9 ص286 بأسناد صحيح عن الحاكم.
وشرح الأخبار ج3 ص64 والذرية الطاهرة النبوية ص75.
|