صفحة : 126-127   

ابن البطريق وحديث سد الأبواب:

ولابن بطريق كلام هنا نلخصه على النحو التالي:

إن الله تعالى قد أظهر الفرق بين أمير المؤمنين «عليه السلام»، وبين غيره. وإذا كان الحرام على غيره قد حل له، فإن ذلك يعني: أنه يمتاز على ذلك الغير. والنبي «صلى الله عليه وآله» قد فتح أبواب الجميع على ظاهر الحال من الصلاح والخير، والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يعلم إلا هذا الظاهر إلا أن يطلعه الله على الباطن.

وعليه، فإن كان تعالى قد سد أبوابهم على ظاهر الحال، فقد بينا: أنها كانت صالحة عند الكل؛ ولذلك فتح أبوابهم أولاً، فلم يبق إلا أنه قد سد أبوابهم، من أجل شيء يرجع إلى الباطن، وفتح بابه لأنه قد انفرد بصلاح الباطن دونهم، (أو فقل: انفرد في كونه القمة في الصلاح الباطني) بالإضافة إلى مشاركته لهم في صلاح الظاهر.

وبذلك امتاز «صلوات الله وسلامه عليه» عليهم.

ثم إن منعهم من الجواز في المسجد وإباحته له، إما أن يكون بلا سبب، وهو عبث لا يصدر من حكيم، وإما أن يكون له سبب، وذلك يدل على انفراده «عليه السلام» بما لا يشركه فيه غيره.

وأقواله «صلى الله عليه وآله» تعضد هذا التخصص، وتدل على صلاح باطنه، كقوله «صلى الله عليه وآله»: «علي مني، وأنا منه».

وقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى ».

وقوله: «أنت أخي في الدنيا والآخرة».

وقوله: «صلت الملائكة عليَّ وعلى علي سبع سنين قبل الناس».

وقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً([1]).

وغير ذلك من مناقبه ومآثره ومزاياه؛ فلولا ثبوت هذه المزايا له على غيره، لما أنزله من نفسه بهذه المنازل، ولما أقامه من نفسه في شيء من ذلك، ولا أذن الله له بتخصيصه وتمييزه عن أمثاله وأضرابه الخ..([2]). إنتهى ملخصاً.


 

([1]) الآية 33 من سورة الأحزاب.

([2]) راجع: العمدة لابن البطريق ص180 ـ 185 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص333 و 334 و (ط دار الأضواء) ج1 ص241 ـ 243.

 
   
 
 

موقع الميزان