علي عليه السلام يروي بطولات سعد!!

   

صفحة : 206-212   

علي عليه السلام يروي بطولات سعد!!:

ويزعمون: أن سعد بن أبي وقاص كان رامياً، وقد رمى في أحد بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى اندقت سية قوسه، وكان «صلى الله عليه وآله» يناوله النبل، ويقول: إرم فداك أبي وأمي([1]).

ورووا عن علي «عليه السلام» أنه قال: ما سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» جمع أبويه لأحد إلا لسعد ([2]).

ونقول:

إننا لا نرتاب في كذب هذه المزاعم، وقد تحدثنا عن ذلك في الجزء السابع من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم، في فصل في موقع الحسم.. غير أننا نشير هنا إلى ما يلي:

1 ـ لماذا صبر المشركون كل هذا الوقت الذي استغرقه سعد في رميه حتى اندقت سية قوسه، ولم تكن لهم ردة فعل او هجمة تدفع عنهم غائلة سهامه؟!

أم أن سهامه لم تكن تصل إليهم؟!

أم أنها وصلت إليهم ولم تصبهم؟!

أم أنهم ابتعدوا عن مداها، حتى لم تعد إصابتها ذات تأثير يعتد به؟!

فإن كان كذلك فلماذا واصل الرمي، وفرط في سهامه؟!

وأين كان رماة المشركين الذين كانوا أضعاف عدد رماة المسلمين عن المقابلة بالمثل؟!

أم أن المشركين لم يحملوا معهم أقواساً ولا سهاماً، فانفرد بهم سعد؟!

ولماذا لم يسم لنا التاريخ أياً من الذين أصابتهم سهام سعد ، ولا ذكرت لنا عدد من قتل أو جرح بها؟!

2 ـ إن أمير المؤمنين إن كان قد قال ذلك عن سعد ، فإنما قاله ليثبت له فضيلة به ليست لا حد سواه.. وهذا يفرض عليه أن يتحقق من كون النبي «صلى الله عليه وآله» قد فدا أحداً بأبويه غير سعد . ولا يكتفي بالاخبار عن عدم سماعه منه ذلك فإن عدم سماعه «عليه السلام» لا يدل على عدم صدور ذلك من النبي «صلى الله عليه وآله»، فلماذا لم يسأل الصحابة الآخرين، إن كانوا سمعوا شيئاً من ذلك قد قاله النبي «صلى الله عليه وآله» لغير سعد، لكي يخبروه بأنه «صلى الله عليه وآله» ـ كما يزعم ابن الزبير  ـ قد قال للزبير يوم قريظة : فداك أبي وأمي؟!([3]).

وإن كنا نحن لا نصدق ذلك أيضاً، لأن ما فعله الزبير ، وهو أنه أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بأمر بني قريظة ، لا يستدعي أن يقول له النبي «صلى الله عليه وآله» فداك أبي وأمي..

ولعلك تقول: قضية سعد سابقة على قضية الزبير ، فلعله «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك لسعد ولم يكن قال ذلك لأحد غيره قبل حرب أُحد..

ونجيب: بأن هنا الحديث أنما صدر بعد مرور سنوات على واقعة أُحد، فهو يخبر عن أنه لم يسمع النبي «صلى الله عليه وآله» فدا أبويه لأجل أحد قبل أحد و بعدها.

3 ـ إن سعد بن أبي وقاص لم يكن يستحق هذه الفضيلة، ولا غيرها من الأوسمة التي منحوه إياها، فإنه كان من المناوئين لأمير المؤمنين «عليه السلام»، حتى لقد كتب «عليه السلام» لوالي المدينة: أن لا يعطي سعداً من الفيء شيئاً([4]).

وحينما دخل عليه سعد يطالبه بعطائه رده بعد كلام طويل، ولم يعطه شيئاً([5]).

وحينما دعاه عمار إلى بيعة سيد الوصيين، أظهر سعد الكلام القبيح([6]).

وأيضاً: فقد صارمه عمار XE "عمار بن ياسر"  المعروف بجلالة مقامه وعلو شأنه([7]).

وفي عهد عمر أخذ من بيت المال مالاً ولم يؤده، وعزله عمر عن العراق ، وقاسمه ماله([8]).

وكان ممن قعد عن علي «عليه السلام» وأبى أن يبايعه، فأعرض عنه «عليه السلام»، وقال: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُعْرِضُونَ([9])»([10]).

وسعد هو أحد الستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم، فوهب حقه لابن عمه عبد الرحمن بن عوف([11]).

وشكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر بأنه لا يحسن يصلي([12]).

إذاً، فلعل انحراف سعد عن علي «عليه السلام»، وممالأته لأعدائه هو الذي جعل له هذا المقام، ورزقه هذه الفضائل والكرامات.


 

([1]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص241 والسيرة الحلبية ج2 ص229 و (ط دار المعرفة) ج2 ص506 وتفسير البغوي ج1 ص357 وتفسير الآلوسي ج4 ص72 وإمتاع الأسماع ج5 ص71 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص200 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص433 ومجمع البيان ج2 ص405 وتفسير الثعلبي ج3 ص175 والمجموع للنووي ج19 ص288 والسيرة النبوية لابن إسحاق ج3 ص307 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص600 والمستدرك للحاكم ج3 ص26 وج2 ص96 ومكارم الأخـلاق لابن أبي الدنيـا ص63 = = ومجمع الزوائد ج6 ص113 وتفسير البغوي ج1 ص357 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص424 والدر المنثور ج3 ص193 وعيون الأثر ج1 ص419 وعمدة القاري ج17 ص148 و 149 وج22 ص204 وج14 ص185 ومسند أبي يعلى ج2 ص139 و 96 و 145 وج1 ص334 والمعجم الأوسط للطبراني ج4 ص235 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص143 وكنز العمال ج13 ص415 وج10 ص440 وج11 ص689 و 690 وج13 ص212 و 213 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص308 و 309 و 313 وتهذيب الكمال ج15 ص207 وسير أعلام النبلاء ج1 ص99 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص198 والكامل في التاريخ ج2 ص155 والبداية والنهاية ج4 ص30.

([2]) السيرة الحلبية ج2 ص229 و (ط دار المعرفة) ج2 ص507 عن المشكاة، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص201 و 245 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص33 وج7 ص116 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص162 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج7 ص125 وعمدة القاري ج17 ص149 والمعجم الأوسط للطبراني ج5 ص382 وسنن ابن ماجة ج1 ص47 وسنن الترمذي ج4 ص211 وج5 ص314 وفضائل الصحابة للنسائي ص34 وفتح الباري ج7 ص66 وج10 ص469 ومسند أبي داود ص17 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص507 وج8 ص485 والأدب المفرد للبخاري ص173 وكتاب السنة لابن = = أبي عاصم ص600 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص56 وصحيح ابن حبان ج15 ص447 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص141 والكامل لابن عدي ج1 ص249 وكنز العمال ج13 ص213 و 416 وتهذيب الكمال ج10 ص310 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص52 وعلل الدارقطني ج3 ص217 و 218 والتعديل والتجريح للباجي ج3 ص1243 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص312 و 317 .

([3]) راجع: فضائل الصحابة للنسائي ص33 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص313 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص508 وتحفة الأحوذي ج8 ص96 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص510 وج8 ص503 وراجع ص501 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص596 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص61 وراجع ج6 ص58 والإستيعاب لابن عبد البر ج2 ص513 وشرح العقيدة الطحاوية ص550 وتاريخ ابن معين ج2 ص56 وعمدة القاري ج16 ص225 وراجع ج22 ص204 وج14 ص142 وكنز العمال ج13 ص210 و 211 وراجع ص206 و 208 و 474.                                                                                        =

= وفي جمع النبي أبويه للزبير في الخندق راجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص502 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج7 ص128 والأنساب للسمعاني ج1 ص139 والإصابة ج2 ص459 وفتح الباري ج10 ص469 ومسند أبي يعلى ج2 ص35 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص106 وسير أعلام النبلاء ج1 ص50 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص380 وتهذيب الكمال ج28 ص506 والمعجم الأوسط للطبراني ج3 ص288.

([4]) إختيار معرفة الرجال ص39 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص197 وقاموس الرجال ج4 ص412 و 413 ومستدرك الوسائل ج16 ص79 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص524 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص136 ورجال ابن داود (ط المكتبة الحيدرية) ص47 والتحرير الطاووسي ص74 ونقد الرجال للتفرشي ج2 ص304 وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص353 والدرجات الرفيعة ص445 وطرائف المقال ج2 ص137 والكنى والألقاب ج1 ص307.

([5]) صفين ص551 و 552 وقاموس الرجال ج4 ص313 عنه، وأعيان الشيعة ج1 ص517.

([6]) الإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص52 و (تحقيق الشيري) ج1 ص73.

([7]) عيون الأخبار لابن قتيبة ج3 ص111 وقاموس الرجال ج4 ص313 و 314 عنه، وراجع: الفتوح لابن أعثم ج2 ص442.

([8]) راجع: قـامـوس الرجـال ج4 ص414 عن الأغـاني، وعن أنساب السمعاني. = = والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص149 وراجع ص307 وراجع: كنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج4 ص477.

([9]) الآية 23 من سورة الأنفال.

([10]) راجع: قاموس الرجال ج4 ص315 و 316  وشرح نهج البلاغة  للمعتزلي ج4 ص9 وأعيان الشيعة ج1 ص444.

([11]) راجع على سبيل المثال: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص188 وكتاب الأربعين للشيرازي ص169 و569 وبحار الأنوار ج31 ص399 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص715 وأعيان الشيعة ج1 ص437 ومستدركات علم رجال الحديث ج4 ص24 والبداية والنهاية ج7 ص164.

([12]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص155 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص120 وج8 ص82 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص202 والأوائل ج1 ص310 و (ط مؤسسة الرسالة) ص53 والكامل في التاريخ ج2 ص569 وفتح الباري ج11 ص248 والمصنف للصنعاني ج2 ص360 وفي هامشه عن= = البخاري عن أبي عوانة، والعقد الفريد ج6 ص249 والثقات لابن حبان ج2 ص220 والمعجم الأوسط للطبراني ج6 ص208 وتاريخ بغداد ج1 ص155 وتاريخ الإسلام للذهبي ج10 ص184 ومسند أبي يعلى ج2 ص89 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج1 ص183 وج4 ص212 ومسند أحمد ج1 ص179 و 180 والأذكار النووية ص279 .

 
   
 
 

موقع الميزان