وحين نادى
أبو سفيان بعد
انتهاء حرب أحد
:
أعل هبل
.. أمر النبي
«صلى الله عليه وآله» علياً بأن يجيبه بقوله: الله أعلى وأجل..
فقال:
يا علي، إنه قد أنعم علينا.
فقال علي
«عليه السلام»:
بل الله أنعم علينا..
ثم قال:
يا علي، أسألك باللات
والعزى
، هل
قتل محمد؟!
فقال علي
«عليه السلام»:
لعنك الله ولعن اللات
والعزى
،
والله ما قتل، وهو يسمع كلامك إلخ..
وفي نص آخر:
إن أبا سفيان
قال: إن
ميعادنا بيننا وبينكم موسم بدر
في
قابل هذا الشهر.
فقال رسول
الله «صلى الله عليه وآله»:
قل: نعم.
فقال:
نعم.
وفي نص آخر:
إن أبا سفيان
قال: أنعمت.
فقال:
إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر
.
فقال
علي «عليه السلام»:
لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار([1]).
وقيل:
إنه «صلى الله عليه وآله» أمر عمر بأن
يجيب بذلك، وعلمه ما يقول([2]).
ولعل كلا الأمرين قد حصلا، أي أنه «صلى الله عليه وآله»
أمر علياً بأن يبلغ عنه، فبادر عمر
أيضاً
إلى الإجابة من عند نفسه..
ولعل رواية
أبي هلال العسكري
، تشير إلى ذلك، حيث ذكرت:
أن عمر
أجاب أبا
سفيان
، ولم تذكر أن
النبي «صلى الله عليه وآله» أمره بذلك، أو علمه إياه([3]).
غير أن
الظاهر هو:
أن أبا سفيان
بعد أن سمع
جواب علي «عليه السلام»: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار..
عدل عن توجيه الخطاب لعلي ليوجهه إلى عمر
،
مصرحاً باسمه، فقال حسب رواية العسكري
: إنها
قد أنعمت يا ابن الخطاب
.
فقال:
إنها([4]).
وهي إجابة لا يمكن قبولها من عمر
، حيث إن ظاهرها أنه يوافق أبا سفيان
على ما قال.
وإجابة علي «عليه السلام» بتعليم من النبي «صلى الله
عليه وآله» هي الحق والصواب بعينه، لتضمنها تقويض اعتزاز أبي سفيان
بنتائج
الحرب، ولأنها أوضحت: أن المعيار في الفلاح والنجاح ليس هو النتائج
التي تحصل في الدنيا، بل المعيار في الوقوف على قيمة ما حصل في الدنيا
هو آثاره في الآخرة..
وهي هنا عكس ما يتمناه أبو سفيان
والمشركون، فإن قتلى المسلمين في الجنة، فلا خوف عليهم، وقتلى المشركين
في النار، فهم الخاسرون الحقيقيون.
([1])
راجع: تفسير القمي ج1 ص117 وبحار الأنوار ج20 ص56 و 97 و 23 و
44 وإعلام الورى (ط1) ص25 و 55 و 90 و 96 و (ط مؤسسة آل
البيت) ج1 ص181 وراجع: قصص الأنبياء للراوندي ص339 والتبيان
للشيخ الطوسي ج3 ص314 وراجع: مجمع البيان ج2 ص399 وج3 ص180
وجامع البيان للطبري ج4 ص140 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص771
وتفسير السمعاني ج5 ص172 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص230.
([2])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص31 وسبل الهدى والرشاد ج4
ص221 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص531 وعيون الأثر ج1
ص424 والعثمانية للجاحظ ص71.
([3])
الأوائل للعسكري ج1 ص184 و 185 وراجع: مسند أحمد ج1 ص288
والمستدرك للحاكم ج2 ص297 ومجمع الزوائد ج6 ص111 وفتح الباري
ج7 ص272 والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص302 وتخريج الأحاديث
والآثار ج1 ص228 وتنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ص439
وجامع البيان ج4 ص183 وج5 ص357 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص787
وتفسير الثعلبي ج3 ص173 وتفسير البغوي ج1 ص356 والتفسير الكبير
للرازي ج9 ص15 والدر المنثور ج2 ص84 والثقات لابن حبان ج1 ص231
وأسد الغابة ج4 ص59 والبداية والنهاية ج4 ص28 و 43 وإمتاع
الأسماع ج1 ص171 والسيرة النبوية لابن إسحاق ج3 ص513 والسيرة
النبوية لابن هشام ج3 ص609 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص48 و
75 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص206 وراجع: تفسير القرآن العظيم
ج1 ص413 و (ط دار المعرفة) ج1 ص421 و 422 و 424 وج4 ص188 وصحيح
البخاري XE "البخاري"
(ط
سنة 1309 هـ) ج3 ص13 و (ط دار الفكر) ج4 ص27 وج5 ص30 وعمدة
القاري ج14 ص282 وج17 ص142 ومسند أبي داود ص99 والسنن الكبرى
للنسائي ج5 ص190 وج6 ص316 وصحيح ابن حبان ج11 ص41 وتاريخ
مدينة دمشق ج23 ص444 والكامل في التاريخ ج2 ص160.
([4])
راجع الهامش السابق.
|