حرص علي
عليه السلام على الجهاد:
وإذا كان
الناس الأصحاء يفرون من الحرب والقتال، ويسلمون نبيهم إلى الأخطار،
ويعرضونه للمهالك، حباً منهم بالسلامة.. وإذا كانت الجراح عذراً عند
الناس، وعند الله تعالى للتخلف عن مناجزة العدو، فكيف إذا كانت الجراح
قد كثرت وتعمقت حتى أصبح الجريح كالمضغة، أو كالقرحة الواحدة؟! وكانت
من العمق بحيث أصبحت الفتائل تدخل من موضع، وتخرج من آخر.
هذا بالإضافة
إلى ما يستتبع ذلك من نزف مضن، وآلام مبرحة..
فهل يظن أحد،
أو يحتمل أن تكون ثمة رغبة من هذا الجريح الطريح في القتال والنزال؟!
ولا سيما مع استعداد العدو وتأهبه، وظهور رغبته في الهجوم الذي لن يكون
سهلاً ولا عادياً، لأنه يريد ان يثأر لكل النوازل التي حلت به، وكلها
كانت على يد نفس هذا الجريح النازف، والذي جعلته الجراح كالمضغة، أو
كالقرحة الواحدة؟!
ولكن ها نحن
نشهد علياً «عليه السلام» نفسه يقسم بالله أن لا يتخلف عن هذه المعركة،
التي سيكون هو المستهدف فيها، وهو المحور لكل هجمات الأعداء، التي لن
يتهاونوا في جعلها ساحقة وماحقة..
إنه سيحضرها
ولو محمولاً على أيدي الرجال، لا ليتفرج على قتال غيره لهم، بل ليكون
هو في مقدمة المقاتلين والمجاهدين..
فأين هذه
الروحية من روحية أولئك الذين تركوا نبيهم بين سيوف الأعداء ورماحهم
المشرعة إلى صدره؟!
|