سعد
هو الذي
أتى بخبر القوم:
تقدم إحجام
المسلمين عن الإستجابة لطلب رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
أن يأتيه أحدهم بخبر المشركين، واستجابة خصوص علي «عليه السلام».. وذلك
يضع علامة استفهام كبيرة حول صحة قولهم: إن سعداً
هو
الذي أتاه بخبرهم..
ويؤيد قوة واتساع علامة الإستفهام هذه:
أن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
طلب منهم أن يأتوه بماء من المهراس ليغسل وجهه، فلم يقم أحد سوى علي
«عليه السلام».
وقد قلنا:
إننا لا نجد تفسيراً لذلك إلا أنهم كانوا لا يزالون خائفين من أن يكون
المشركون في ذلك المحيط.
فهل نتصور بعد
هذا سعداً
يتبرع بالذهاب
وحده إلى المشركين، والإقتراب منهم ليأتي بخبرهم؟!
ويؤيد ذلك أيضاً:
أن سعداً
كان من
الفارين في أحد
، وكان
على الصخرة في الجبل، ولم يرجع إلى القتال كما رجع غيره ـ كما سنشير
إليه عن قريب.
فلعل الحقيقة:
هي أن علياً «عليه السلام» حين أتى بخبر القوم، سمعه سعد
وهو
يخبر النبي
«صلى الله
عليه وآله»
بالأمر، فأخذته الفرحة حتى خرج عن طوره فأعاد الخبر رافعاً به صوته
ليسمعه الناس، فنهاه
«صلى الله
عليه وآله»
عن ذلك، وجعل يشير إليه: أن خفض صوتك، فإن الحرب خدعة إلخ..
ويقول
الواقدي :
إنه
«صلى الله عليه وآله»
قال لسعد
: إنه
إن رأى القوم يريدون المدينة
فليخبره فيما بينه وبينه، ولا يفت في أعضاد المسلمين([1]).
ونقول:
إنه كلام
يفتقر إلى الدقة، فهو وإن أصاب، في ذكر الوصية، ولكنه أخطأ في الموصى،
فإنه أمير المؤمنين «عليه السلام» وليس سعدا
..
ولكن سعداً
أخرجه
ابتهاجه بالخبر عن طوره فجهر به، فقال له
«صلى الله
عليه وآله»:
«خفض صوتك، فإن الحرب خدعة، فلا تُرِي الناس مثل هذا الفرح بانصرافهم،
فإنما ردهم الله تعالى»([2]).
([1])
المغازي للواقدي ج1 ص298 و 299 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15
ص32.
([2])
راجع: شرح نهج البلاغة ج15 ص32.
|