وزعموا:
أن العباس
عم النبي
«صلى
الله عليه وآله»
كان ممسكاً بعنان فرس رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
يقوده، وعلي «عليه السلام» مع أنه مجروح مكسور اليد هاجم الكفار
فهزمهم، فجاء جبرئيل
وقال:
يا محمد، من الذي بارز الكفار آنفاً، فإن الله باهى به الملائكة
؟!
قال:
هو علي.
فانحازوا بالنبي «صلى الله عليه وآله» إلى أحد، فنزل عن
الفرس معتمداً على منكب علي «عليه السلام» ، وصعد. ثم سأل علياً عن
العباس
، فأخبره علي
«عليه السلام» بما وقع، فبكى النبي
«صلى الله
عليه وآله»
هو والأصحاب([1]).
ونقول:
في هذه
الرواية بعض الهنات.
فأولاً:
إن العباس
عم النبي «صلى
الله عليه وآله» لم يحضر حرب أحد
،
وتعلل على قريش بما جرى عليه في بدر
.
ثانياً:
لو كان العباس
قد جاء
إلى أحد
، فلا يمكن أن
يكون مع النبي
«صلى الله
عليه وآله»
ممسكاً بزمام فرسه، إذ لو حصل ذلك، فلا يمكن أن تسكت عنه قريش
، ولن
تتركه يعيش معها في مكة بعد ذلك عدة سنوات.. كما أن ما جرى ليس فيه أية
إشارة للعباس توجب حزن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
والأصحاب علىه فهو لم يقتل ولم يجرح.
فالصحيح:
أن المقصود هو العباس بن عبادة بن نضلة
، وهو
الذي بكى عليه رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
والأصحاب، لأنه استشهد في حرب أحد
..
ثالثاً:
صرح الواقدي
: بأن المسلمين ـ أي المقاتلين كما يظهر([2])
ـ لم يصعدوا الجبل، وكانوا في سفحه، لم يجاوزوه إلى غيره، وكان فيه
النبي
«صلى الله عليه وآله»([3]).
ولا بد أن
يكون مقصوده بالمسلمين هم الذين عادوا إلى رسول الله
«صلى الله
عليه وآله» وقاتلوا معه، وبقوا معه بعد فرار المشركين وهذا يعني أنه
«صلى الله عليه وآله» لم يصعد إلى الصخرة أيضاً.. ولا يقصد الذين فروا
إلى الجبل ووصلوا إلى الصخرة..
رابعاً:
روي: أن الصباح بن سيابة
سأل
الإمام الصادق
«عليه
السلام»، عما يذكرونه من صعود النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الجبل،
حتى بلغ الغار، فقال ابن سيابة
:
«..قلت: فالغار في أحد
، الذي
يزعمون: أن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
صار إليه؟!.
قال:
والله ما برح مكانه»([4]).
فلا مجال لتصديق من يدعي:
أنه
«صلى الله
عليه وآله»
غادر مكانه في سفح الجبل، وصعد إلى أي موضع فيه.
ولكن السؤال هنا هو:
لماذا يراد
إيهام الناس بأن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
صعد الجبل؟!
هل المطلوب هو أن يشاركهم في الإنحياز إلى الجبل، ليصبح
من الفارين، ويلحقه بذلك رذاذ من عار هزيمتهم؟!..
﴿كَبُرَتْ
كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾([5]).
أو أن توضع علامة استفهام على قوله لعلي «عليه
السلام»:
لم لم تلحق بقومك؟! أو نحو ذلك.
فأجابه علي «عليه السلام»:
أكفر بعد إيمان؟! لأنه هو نفسه «صلى الله عليه وآله» قد لحق بهم.. معاذ
الله..
([1])
راجع: تاريخ الخميس ج1 ص436 و 437 عن الينابيع، وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج16 ص474.
([2])
بدليل: أن الفارين قد صعدوا الجبل، وكان فريق منهم على الصخرة.
([3])
راجع: المغازي للواقدي ج2 ص278.
([4])
بحار الأنوار ج20 ص96 وإعلام الورى ج1 ص179.
([5])
الآية 5 من سورة الكهف.
|