صفحة : 38-41   

برز الإسلام كله إلى الشرك كله:

وقال «صلى الله عليه وآله» حينئذٍ: برز الإسلام أو الإيمان كله، إلى الشرك كله([1]).

فخرج له علي «عليه السلام» وهو راجل، وعمرو فارساً، فسخر به عمرو، ودنا منه علي([2])، ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري «رحمه الله»، لينظر ما يكون منه ومن عمرو([3]).

وفي بعض الروايات: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لأصحابه: أيكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنة؟! والجنة اعظم خطرا من السلطة، ومن المناصب الدنيوية والأموال وكل ما في الدنيا ولكنهم زهدوا بها.

فلم يجبه منهم أحد هيبة لعمرو، واستعظاماً لأمره. فقام علي بن أبي طالب «عليه السلام» ثلاث مرات، والنبي «صلى الله عليه وآله» يأمره بالجلوس([4]).

وحسب نص ابن إسحاق ، وغيره من المؤرخين: خرج عمرو بن عبد ود ، وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز؟!

فقام علي بن أبي طالب، فقال أنا (له) يا نبي الله.

فقال: إنه عمرو، إجلس.

ثم نادى عمرو : ألا رجل يبرز؟! فجعل يؤنبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟! أفلا تُبرزون إليَّ رجلاً؟!

فقام علي، فقال: أنا يا رسول الله.

فقال: إجلس.

ثم نادى الثالثة، فقال:

ولـقـد بـحـحــت مـن الـنــداء             (...  إلى آخر الأبيات)

قال: فقام علي «عليه السلام»، فقال: يا رسول الله، أنا له.

فقال: إنه عمرو .

فقال: وإن كان عمرواً.

فأذن له رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول:

لا تــعــجــلن فــقــد أتــــاك               مجــيـــب صــوتــك غير عـاجز

ذو نــيـــــة وبــصـــيــــــرة               والـصــدق مـنـجـــا كــل فـائز

إنــي لارجـــو أن أقـــــيــــم              عـلــيـــك نــائــحــة الجـنـائز

مــن ضــربــة نــجــلاء يـبقى            ذكـــرهـــا عــنـــد الهـــزاهـز

وفي الديوان المنسوب لعلي «عليه السلام» بيتان آخران هما:

ولــقـــد دعـــوت إلى الــبــراز           فــتــى يجــيــب إلـــى المــبـارز

يــعــلــيــك أبــيــض صـارماً             كــالمــلــح حــتــفــاً لـلـمبارز

فقال له عمرو : من أنت؟!

قال: أنا علي.

قال: ابن عبد مناف  ؟!

قال: أنا علي بن أبي طالب.

فقال: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك.

فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك.

فغضب، فنزل، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي «عليه السلام» مغضباً، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في درقته، فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه.

وضربه علي «عليه السلام» على حبل عاتقة فسقط، وثار العجاج، فسمع رسول الله التكبير، فعرفنا أن علياً قد قتله، فثم يقول علي:

أعـلـي تـقـتـحم الـفوارس هكذا           عــنــي وعـنـهـم أخروا أصحابي

الأبيات.

إلى أن قال: وخرجت خيولهم منهزمة، حتى اقتحمت الخندق([5]).


 

([1]) راجع: كشف الغمة ج1 ص205 وإعلام الورى ص194 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص136 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص261 و 285 وج19 ص61 والطرائف لابن طاووس ص35 و 60 وكنز الفوائد (ط دار الأضواء) ج1 ص297 و (ط مكتبة المصطفوي ـ قم) ص137 ومجمع البيان ج8 ص343 وبحار الأنوار ج20 ص215 و 273 وج39 ص3 ونهج الحق ص217 وشجرة طوبى ج2 ص288 والعثمانية للجاحظ ص324 و 333 وتأويل الآيات ج2 ص451 وينابيع المودة ج1 ص281 و 284 وغاية المرام ج4 ص274 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص9 وج16 ص404 وج20 ص140 و 625 وج31 ص234.

([2]) إمتاع الأسماع ج1 ص232 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص371.

([3]) راجع: الإرشاد للمفيد ص59 و 60 و (ط دار المفيد ) ج1 ص100 و 101 وحبيب السير ج1 ص361 وكشف الغمة ج1 ص203 وإعلام الورى ص194 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص381 والدر النظيم ص164 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص70 وبحار الأنوار ج20 ص255 وأعيان الشيعة ج1 ص264 و 395.

([4]) كنز الفوائد (ط دار الأضواء) ج1 ص297 و (ط مكتبة المصطفوي ـ قم) ص137 وبحار الأنوار ج20 ص215.

([5]) راجع المصادر التالية: البداية والنهاية ج4 ص106 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص121 عن البيهقي في دلائل النبوة، عن ابن إسحاق. وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص204 ومجمع البيان ج8 ص343 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج8 ص131 وبحار الأنوار ج20 ص203 وج25 ص203 و 204 و 239 وج 41= = ص89 مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 و 136. وتاريخ الخميس ج1 ص486 و 487 وعيون الأثر ج1 ص61 و 62 و (ط مؤسسة عز الدين ـ بيروت) ج2 ص41 والروض الأنف ج3 ص27 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص438 و 439 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص78 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص104. وراجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319 و 320 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص261 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص167 و 168 وديوان أمير المؤمنين علي «عليه السلام» ص67 والمستدرك للحاكم ج3 ص32 و 33 والمناقب للخوارزمي ص104 وراجع: ينابيع المودة ص95 و 96 وكنز الفوائد للكراجكي ص137.

 
   
 
 

موقع الميزان