صفحة :59    

أخذ الثغرة على الفرسان:

إن أمر النبي «صلى الله عليه وآله» علياً بأن يأخذ الثغرة على الفرسان يشير إلى عدة أمور:

أحدها: أنه «صلى الله عليه وآله» قد أمر علياً «عليه السلام» بأن يأخذ الثغرة، رغم الخطر الذي يمثله وجود فارس العرب، وفرسان آخرين معه، يرون أن هذا الإجراء يعنيهم،

فدلنا ذلك على ثقة النبي «صلى الله عليه وآله» بقدرة علي «عليه السلام» على تحقيق المطلوب، وعلى أن الذين كانوا مع علي «عليه السلام» لم يكن لهم دور يذكر في أخذ تلك الثغرة، بل دورهم كان في حفظها، بعد أن يأخذها علي «عليه السلام» لهم، ويمكنهم منها..

الثاني: لعله «صلى الله عليه وآله» كان يخشى أن يوجه الخطاب للمجموعة كلها، فيظهر بعضها التردد، فيكون ذلك سبباً في زيادة رعب المسلمين، وظهور الفشل فيهم، وطمع عدوهم بهم.

الثالث: إن أخذ الثغرة من شأنه أن يجعل الفرسان الذين عبروا إلى جهة المسلمين محاصرين وغير آمنين، لا من جهة المسلمين، ولا من الجهة الأخرى التي عبروا منها..

الرابع: إن ذلك يمنع من وصول المدد إليهم، أو يؤخره، فلا يصلهم إلا بعد فوات الأوان، أو أنه يعرقل تقهقرهم لو احتاجوا إلى ذلك، فيتمكن المسلمون منهم.. وذلك من موجبات قلقهم، وإرباك حركتهم، وتحديد وتضييق مجال عملهم..

الخامس: إن المسلمين الذين يحرسون الثغرة، بعضهم ما كان يجرؤ على الوصول إلى ذلك الموقع، والوقوف فيه لولا شعوره بقدر من الطمأنينة بسبب وجود علي «عليه السلام» معهم، وعلمهم بأنه سوف ينجدهم لو تعرضوا لأي خطر، فإلى علي «عليه السلام» استندوا، وعلى مبادرته لحمايتهم ونجدتهم اعتمدوا.

السادس: إنه لا محل للسؤال عن دور الذين أخذوا الثغرة في منع من هرب من الهرب، فإن الهرب خفيف المؤنة، فإنه يخيفه بسيفه، ثم يزيغ عنه. ولا مجال للحاق به، لأن ذلك معناه: التصادم المباشر مع جيش الأحزاب كله..

 
   
 
 

موقع الميزان