توقف علي عليه السلام عن قتل عمرو

   

صفحة : 73   

توقف علي عليه السلام عن قتل عمرو:

ويقول النص التاريخي: إن علياً «عليه السلام» حين أدرك عمرو بن عبد ود لم يبادر إلى قتله، فوقع بعض المسلمين في علي «عليه السلام»، فرد عنه حذيفة .

فقال «صلى الله عليه وآله»: مه يا حذيفة، فإن علياً سيذكر سبب وقفته.

ثم إنه «عليه السلام» أجهز على عمرو ، فلما جاء سأله النبي «صلى الله عليه وآله» عن ذلك، فقال: قد كان شتم أمي، وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظِّ نفسي، فتركته حتى سكن ما بي، ثم قتلته في الله»([1]).

ونقول:

إن علينا أن نلتفت إلى النقاط التالية:

1 ـ إن قتل هذا المشرك كان محبوباً لله تعالى على كل حال، فلو قتله «عليه السلام» لأنه شتم أمه لم يكن في ذلك ضير، فهو محارب من جهة، وهو يجترئ على المسلمين بالشتم وهم أموات من جهة أخرى.

2 ـ إننا على يقين من أنه «عليه السلام» لم يكن ليقتل عمرواً حتى في اللحظة الأولى انتقاماً لنفسه، أو لمجرد شتمه لأمه، ولكنه «عليه السلام» أراد أن يتعامل مع الأمور كما لو كان رجلاً عادياً.. وهذا هو تكليفه الذي يجب عليه العمل به.. وهو أيضاً يمكنه من أن يقدم للناس العظة والأمثولة بصورة عملية وحية، ليروا بأم أعينهم كيف يكون الرجل الإلهي، الذي يتعامل مع كل الأمور من موقع الإخلاص والخلوص، والمعرفة، والوعي، والثبات والتثبت، والسيطرة على النفس، حتى في أحرج اللحظات، ويصل كل أعماله، ما دق منها وقل، وما عظم وجل بالله سبحانه، ليقربه خطوة إليه.

إنه ذلك الجبل الأشم الشامخ، الذي لا تزله الرياح العواصف، وهو الإنسان القوي والرصين، الذي لا يثور ولا يغضب إلا لله، ولله فقط، وحده لا شريك له.

فبإرادة الله ورضاه يسل سيفه، ويقاتل الأبطال، ويسحق كل جبروتهم وكبريائهم، وهو يغمد سيفه ويستسلم لإرادة الله سبحانه وامتثالاً لأمره، حتى حين يهجمون عليه في بيته، ويضربون زوجته، ويسقطون جنينها، ويحرقون عليه بيته، أو يكادون.

وهو علي هنا، وهو علي هناك، ولا أحد غير علي والأئمة الأطهار من ولده «عليهم السلام» يستطيع أن يفعل ذلك.


 

([1]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص115 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص381 وبحار الأنوار ج41 ص51 ومستدرك الوسائل ج18 ص28 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص631 والدرجات الرفيعة ص287 وأعيان الشيعة ج4 ص598.

 
   
 
 

موقع الميزان