|
|||||
صفحة : 113-114 |
|||||
تجاهل قتل عمرو بن عبد ود في الخندق :1 ـ ورغم أن قتل علي «عليه السلام» لعمرو بن عبد ود كالنار على المنار، أو كالشمس في رائعة النهار، فإننا نجد بعض المتعصبين الحاقدين يسوق حديث الخندق، بطريقة يتجاهل فيه هذا الحدث الهام الذي كان هو سبب هزيمة المشركين في تلك الحرب، فيقول أحدهم مثلاً: «ولم يكن بين القوم قتال إلا الرمي بالنبل والحصا، فأوقع الله بينهم التخاذل، ثم أرسل الله عليهم في ظلمة شديدة من الليل ريح الصبا الشديدة في برد شديد، فأسقطت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وزلزلتهم، حتى جالت خيولهم بعضها في بعض في تلك الظلمة، فارتحلوا خائبين»([1]). ثم يذكر إرسال الزبير بن العوام لكشف خبر القوم. بينما نجد رجلاً مسيحياً، لا يرغب بالإعتراف للمسلمين بشيء ذي بال، يعتبر قتل علي «عليه السلام» لعمرو ولصاحبه «سبب هزيمة الأحزاب على كثرة عَدَدِهم، ووفرة عِدَدِهم»([2]). 2 ـ ادعى ابن تيمية : أن عمرو بن عبد ود لم يعرف له ذكر إلا في هذه الغزوة([3]). وحاول الجاحظ أن يدَّعي: أن شهرة عمرو بن عبد ود بالشجاعة مصنوعة من قبل محبي علي، حتى تركوه أشجع من عامر بن الطفيل ، وعتيبة بن الحارث الحارث ، وبسطام بن قيس ، مع أنه لم يسمع لعمرو ذكر في حرب الفجار ، ولا في الحروب بين قريش ودوس . وقد رد عليه الإسكافي بما حاصله: أن أمر عمرو بن عبد ود أشهر من أن يذكر، ولينظر ما رثته به شعراء قريش لما قتل. ثم ذكر شعر مسافع بن عبد مناف ، وشعره الآخر في رثائه له. وليس أحد يذكر عمروا إلا قال: كان فارس قريش وشجاعها، وقد شهد بدرا ، وجرح فيها، وقتل قوماً من المسلمين. وكان عاهد الله عند الكعبة أن لا يدعوه أحد إلى إحدى ثلاث خصال إلا قبلها، وآثاره في أيام الفجار مشهورة. كما أنه لما جزع الخندق في ستة فرسان هو أحدهم، جبن المسلمون كلهم عنه، وهو يوبخهم ويقرعهم، وملكهم الرعب والوهل، فإما أن يكون هذا أشجع الناس كما قيل عنه، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب وأذلهم وأفشلهم. وإنما لم يذكر مع الفرسان الثلاثة لأنهم كانوا أصحاب غارات ونهب، وأهل بادية، وقريش أهل مدينة، وساكنوا مدر وحجر، لا يرون الغارات، ولا ينهبون غيرهم من العرب ، وهم مقيمون ببلدتهم، فلم يشتهر اسمه كاشتهار هؤلاء([4]). ونضيف إلى ذلك: أن قتل عمرو قد أرعب بني قريظة، ولما رأوا أمير المؤمنين «عليه السلام» تصايحوا: جاءكم قاتل عمرو. ولم يظهر لنا أن عمرواً كان مسناً بحيث يمكنه أن يحضر حرب الفجار ، فقد وصف في بعض الأشعار بالفتى. وحتى لو كان قادراً على الحضور، فقد يغيب عنها لسفر، أو لمرض، أو لعلة أخرى.. ([1]) حدائق الأنوار ج2 ص590 وراجع: الزمخشري في الكشاف ج3 ص526 وقد تعجب منه في سعد السعود ص138 و 139. ([2]) تاريخ مختصر الدول ص95. ([3]) منهاج السنة ج4 ص172 والسيرة الحلبية ج2 ص32 و (ط دار المعرفة) ج2 ص643 وسيرة الرسول ص220 وأعيان الشيعة ج1 ص264 و 265 و 397. ([4]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص287 ـ 291 وراجع الملحق آخر العثمانية ص335 ـ 339. |
|||||