صفحة : 115-119   

سبب هزيمة الأحزاب:

إن سبب هزيمة المشركين يوم الأحزاب يرجع إلى أمور ثلاثة:

أحدها: صعوبة المقام بعد طول الحصار.

الثاني: ما أرسله الله عليهم من الريح والجنود التي لا ترى.

ثم كان السبب الأهم، والأبعد أثراً في هزيمتهم قتل فارسهم، وكبش كتيبتهم، ومعه غيره على يد علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، وذلك هو الذي قطع آمالهم بغزو المسلمين مرة أخرى.. ويدل على ذلك النصوص التالية:

ألف: قال ابن العبري : «وبقوا بضعة وعشرين يوماً لم يكن بينهم حرب. ثم جعل واحد من المشركين يدعو إلى البراز، فسعى نحوه علي بن أبي طالب، فقتله، وقتل بعده صاحباً له، وكان قتلهما سبب هزيمة الأحزاب ، على كثرة عَددهم، ووفرة عُدَدِهم»([1]).

ب: وقال المعتزلي : «الذي هزم الأحزاب هو علي بن أبي طالب، لأنه قتل شجاعهم وفارسهم عمرواً لما اقتحموا الخندق، فأصبحوا صبيحة تلك الليلة هاربين مفلولين، من غير حرب سوى قتل فارسهم»([2]).

ج: وقال الشيخ المفيد : «فتوجه العتب إليهم، والتوبيخ والتقريع، والخطاب. ولم ينج من ذلك أحد بالإتفاق إلا أمير المؤمنين «عليه السلام»، إذ كان الفتح له، وعلى يديه. وكان قتله عمرواً ونوفل بن عبد الله  سبب هزيمة المشركين»([3]).

د: ويقولون أيضاً: «وفر عكرمة ، وهبيرة ، ومرداس ، وضرار ، حتى انتهوا إلى جيشهم، فأخبروهم قتل عمرو ونوفل، فتوهن من ذلك قريش ، وخاف أبو سفيان . وكادت أن تهرب فزارة ، وتفرقت غطفان »([4]).

ه‍ : تقدم عن علي «عليه الصلاة والسلام»: أنه قال عن قتله لعمرو بن عبد ود يوم الأحزاب : «فهزم الله قريشاً  والعرب بذلك، وبما كان مني فيهم من النكاية»([5]).

و: روي عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ: ﴿وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ بعلي([6]).

فكلمة: بعلي ليست من القرآن، وإنما هي زيادة تفسيرية للآية، للتأكيد على نزولها في أمير المؤمنين «عليه السلام».

وما أكثر القراءات التفسيرية هذه، فراجع كتابنا: «حقائق هامة حول القرآن الكريم».

ز: عن ابن عباس : كفاهم الله القتال يوم الخندق، بعلي بن أبي طالب، حين قتل عمرو بن عبد ود ([7]).

وذكر القمي  أيضاً: نزول الآية في علي فراجع أيضاً([8]).

وكذا روي عن الإمام الصادق «عليه السلام»([9]).

ح: تقدم في الفصل السابق قول الحافظ يحيى بن آدم ، أو جابر بن عبد الله الأنصاري : ما شبهت قتل علي عمرواً إلا بقوله تعالى: ﴿فَهَزَمُوْهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ([10]).

ط: قال الشيخ المفيد : «وقال رسول الله بعد قتله هؤلاء النفر (يعني: عمرواً وأصحابه): الآن نغزوهم ولا يغزوننا»([11]).

وعند المعتزلي الشافعي: أنه «صلى الله عليه وآله» قال عند قتل عمرو : «ذهبت ريحهم، ولا يغزوننا بعد اليوم، ونحن نغزوهم إن شاء الله»([12]).


 

([1]) تاريخ مختصر الدول ص95.

([2]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج5 ص7.

([3]) الإرشاد ص62 وبحار الأنوار ج20 ص258 وأعيان الشيعة ج1 ص339 و 397.

([4]) تاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 عن روضة الأحباب.

([5]) الخصال ج2 ص369 وبحار الأنوار ج20 ص244 والإختصاص للمفيد ص167 وحلية الأبرار ج2 ص364 وغاية المرام ج4 ص319.

([6]) راجع: الدر المنثور ج5 ص192 عن ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر وينابيع المودة ص94 و 96 و 137 و (ط دار الأسوة) ج1 ص281 و 283 عن المناقب، وأبي نعيم، ومناقب آل أبي طالب ج3 ص134 والإرشاد للمفيد ص62 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 و 324 وروضة الواعظين ص106 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص323 والبحر المحيط ج7 ص224 وروح المعاني ج21 ص175 وكشف اليقين ص134 وكفاية الطالب ص234 ومجمع البيان ج8 ص350 و 334 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج8 ص133 وبحار الأنوار ج20 ص196 و 205 و 259 وج41 ص88 ومستدرك سفينـة البحـار ج8  = = ص454 والتبيان للطـوسي ج8 ص331 وتفسير الآلوسي ج21 ص175 وميزان الإعتدال ج2 ص380 وإكمال الكمال ج7 ص67 وتفسير جوامع الجامع ج3 ص58 وشواهد التنزيل (ط وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية) ج2 ص7 و 8 و 9 ونهج الحق ص199 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ج2 ص420 ومناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه ص300 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج3 ص376 ـ 380 وج14 ص327 ـ 329 وج20 ص140 عن مصادر تقدمت، وعن المصادر التالية: معارج النبوة للكاشفي ج1 ص163 ومناقب مرتضوي ص55 ومفتاح النجا للبدخشي (مخطوط) ص41 وتجهيز الجيش ص81 (مخطوط) ودر بحر المناقب (مخطوط) ص85 وأرجح المطالب ص75 و 186.

([7]) شواهد التنزيل (ط وزراة الثقافة والإرشاد الإيرانية) ج2 ص10 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص284 عن الإسكافي، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص329.

([8]) تفسير القمي ج2 ص189 وبحار الأنوار ج20 ص233 وراجع: شجرة طوبى ج2 ص289.

([9]) ينابيع المودة ص96 و (ط دار الأسوة) ج1 ص284 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص134 وبحار الأنوار ج41 ص88 وغاية المرام ج4 ص275 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج20 ص140.

([10]) الآية 251 من سورة البقرة.

([11]) الإرشاد ص62 وبحار الأنوار ج20 ص258 وتفسير مجمع البيان ج8 ص136 وتفسير الميزان ج16 ص300 وتفسير الثعلبي ج8 ص30 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص132 وإمتاع الأسماع ج13 ص296 وإعلام الورى ج1 ص382 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص221 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص389.

([12]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص62 وبحار الأنوار ج20 ص273 وج39 ص4.

 
   
 
 

موقع الميزان