ويحدثنا التاريخ:
أن
جماعة من الصحابة اعترضوا على أبي بكر
على
إقدامه
على غصب الخلافة من علي بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله». وكان أول
من تكلم منهم خالد بن سعيد بن العاص
الأموي، فقال له: «اتق الله، وانظر ما تقدم لعلي بن أبي طالب، أما علمت
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لنا، ونحن محدقون به، وأنت معنا في
غزاة بني قريظة
، وقد
قتل علي «عليه السلام» عدة من رجالهم.
(وعند
البياضي :
وقد
قتل علي رجالهم.
وعند ابن طاووس
:
وقد
قتل علي «عليه
السلام»
عشرة من رجالهم، وأولي النجدة منهم): وكان الذين يحدقون به «صلى الله
عليه وآله» آنئذٍ: جماعة من ذوي القدر والشأن من المهاجرين
والأنصار
:
«يا معاشر قريش
، إني
أوصيكم بوصية فاحفظوها عني، ومودعكم أمراً،
فلا تضيعوه، إن علي بن أبي طالب إمامكم من بعدي، وخليفتي فيكم، وبذلك
أوصاني جبرئيل
عن
الله عز وجل..»([1]).
ونقول:
إننا نشير هنا
إلى ما يلي:
1 ـ
اتضح مما تقدم: أن القتال الذي حصل يوم فتح قريظة
لم يكن
مجدياً، بل كان مخزياً، إلا ما كان من قتال علي «عليه السلام»، فإنه هو
الذي كان الفتح على يديه، دون كل أحد سواه، وذلك بعد أن بعث النبي «صلى
الله عليه وآله» أكابر أصحابه إلى بني قريظة
،
فهزمهم بنو قريظة، تماماً كما جرى في خيبر
..
2 ـ
إن قول القاضي النعمان
عن علي
«عليه السلام»: «وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات» يثير الدهشة، حيث
نرى أن هذا الأمر قد تم تجاهله، أو التعتيم عليه، حتى زال
وتلاشى، وطمست معالمه فلم يعد يعرفه أحد.
وهذا يدل على
أنه ثمة خيانة كبيرة تعرض لها تاريخ الإسلام الصحيح، وتاريخ النبي «صلى
الله عليه وآله» وأهل بيته «عليه السلام».
3 ـ
إن حشر إسم الزبير بن العوام
في
حديث إستسلام بني قريظة ليس له أي مبرر، فإن علياً «عليه السلام» هو
الذي أرسله النبي بالراية إليهم، بعد إرسال أكابر أصحابه، وهو الذي
تهدد بني قريظة
بقوله:
لأذوقن ما ذاق حمزة
، أو
أقتحم حصنهم، فخافوا ونزلوا على حكم سعد
.
وهو «عليه
السلام» الذي قتل عشرة من رجالهم، وأولي النجدة فيهم أو قتل رجالهم،
وليس للزبير
أي دور في
ذلك.
ولأجل ذلك لم يقل أحد:
إنه شارك في فتح بني قريظة
، أو
كان له أي نصيب فيه، بل خصصوا علياً دون سواه بهذا الفضل..
فإن كان
للزبير
دور فلعله دور
الهزيمة، إن كان يُعْتَبَر من أكابر الأصحاب الذين يقول النص: إن النبي
«صلى الله عليه وآله» أرسلهم إلى بني قريظة
،
فهزموا، وذلك قبل أن يرسل علياً «عليه السلام» إليهم، فيفتح الله على
يديه..
4 ـ
يبدو من النصوص أن ما جرى كان على هذا الترتيب: إن علياً «عليه السلام»
قتل طائفة من رجال قريظة
، وذوي
النجدة فيهم، وهم عشرة فرسان، ثم حاصرهم النبي والمسلمون، ثم بعث «صلى
الله عليه وآله» أكابر أصحابه إليهم، فنزلوا من حصنهم إليهم، فهزموهم.
ثم بعث علياً «عليه السلام» بالراية، فحاصرهم، وقهرهم،
واستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله، فنزلوا حتى حكم فيهم ابن معاذ
، وفعل
في خيبر
مثلها، قال
ابن واضح اليعقوبي
:
«وقتل من بني قريظة
، ثم تحصنوا فحاصرهم»([2]).
([1])
راجع المصادر التالية: الإحتجاج (ط سنة 1313 ه. ق) ج1 ص190 و
191 و 300 والصراط المستقيم ج2 ص80 و 82 وقاموس الرجال ج3 ص476
و 478 و 479 والخصال ج2 ص462 و 463 واليقين في إمرة أمير
المؤمنين ص108 ـ 110 عن أحمد بن محمد الطبري، المعروف
بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ في كتابه:
مناقب أهل البيت
«عليهم
السلام»
وبحار الأنوار ج28 ص210 و 211 و 214 و 219 ورجال البرقي ص63 و
64.
([2])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
|