صفحة : 222-223   

بيعة النساء في الحديبية :

قال الشيخ المفيد رحمه الله: «وكان أمير المؤمنين «عليه السلام» المبايع للنساء عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وكانت بيعته لهن يومئذ: أن طرح ثوباً بينه وبينهن، ثم مسحه بيده، فكانت مبايعتهن للنبي «صلى الله عليه وآله» بمسح الثوب، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يمسح ثوب علي بن أبي طالب «عليه السلام» مما يليه([1]).

ويلاحظ هنا أمران:

الأول: إن النبي «صلى الله عليه وآله» وعلياً «عليه السلام» قد استفادا في بيعة النساء، من طريقة مبتكرة، تعطي المعنى وتدل على المقصود بصورة كافية، ومفهومة.. لأنهما يريدان تحاشي أمر محظور، وهو مصافحة النساء، أو أي شيء يعطيهن المزيد من الجرأة على الإقتراب من الرجل، ولو بمثل أن تمسح على الثوب الذي يلبسه النبي «صلى الله عليه وآله» أو علي «عليه السلام».

الثاني: قد يقال: إن المفروض هو أن تختص البيعة بالرجال ولا داعي لبيعة النساء، لأن الرجال هم الذين يضحون، وهم الذين يحاربون، وهم أصحاب القرار.. أما النساء فلا شأن لهن في ذلك..

ونجيب: بأنه وإن كان ليس على النساء قتال ونزال، ولا يتولين القضاء والحكومة، ولكن ذلك لا يعني أنهن لا دور لهن، بل لهن دور في الكثير من الشؤون، التي لا بد من التزامهن بما يرضي الله، وبطاعة رسوله فيها، فلا بأس بأخذ البيعة منهن على الإلتزام بمثل هذه الأمور..

ثم إننا لا نوافق على القول بأنه لا شأن للمرأة في كثير من الأمور، فإن المقصود إن كان هو إعادة تكريس المنطق الجاهلي الذي يسلب المرأة حقوقها التي جعلها الله لها، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً..

وإن كان المقصود: أن شؤونها ليست بذات أهمية، لكي تؤخذ منها البيعة، فهو غير صحيح أيضاً، فإن مقام السيدة الزهراء «عليها السلام» عند الله يدلنا على أهمية الشؤون التي تعود إليها، والتي استحقت مقامها هذا لقيامها بتلك الواجبات على أكمل وجه.

على أننا نقول:

إن للرجال شؤوناً تخصهم، وليس للمرأة فيها نصيب، وللمرأة شؤون ليس للرجال فيها نصيب، لأن كلاً منهما مهيأ لما خلق له.

وامتياز الرجال أو بعضهم على النساء، أو على بعضهن، إذا اقتضته شؤون الخلقة، والتكوين، فإنما كان بسبب انسجام هذه الميزات، مع تلك المسؤوليات الملقاة على عاتق هذا أو ذاك، لكي تحقق أهدافاً تحتاج إلى هذه الميزات أو تلك، بهذا المستوى من الفعالية والتأثير..


 

([1]) الإرشاد ج1 ص119 وموسوعة التاريخ الإسلامي ح2 ص622 وبحار الأنوار ج20 ص358.

 
   
 
 

موقع الميزان