علي عليه السلام في الحديبية

   

صفحة : 224-225   

علي عليه السلام في الحديبية:

لقد كان من حق المسلمين أن يمارسوا حريتهم في التفكير، وفي التقديس، والإعتقاد، والعبادة، وما إلى ذلك.. ومن حقهم أيضاً أن يزوروا بيت الله تبارك وتعالى، ويؤدوا مناسكهم، وليس من حق أحد أن يمنعهم منه. فكيف إذا كان البلد الذي يقع فيه هذا البيت هو وطن من يريد زيارته، وقد ولد وعاش فيه، ثم ظلم وقهر، وأجبر على الخروج منه، والتغرب عنه.

وها هو رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقرر المسير إلى زيارة بيت الله للعمرة، فلماذا هبت قريش لمواجهته ومواجهة المسلمين، ومنعهم من دخول بيت الله، حتى تطورت الأمور، واصطف المسلمون والمشركون للقتال؟!

قال الشيخ المفيد «رحمه الله»: «كان اللواء يومئذٍ إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، كما كان في المشاهد كلها..

وكان من بلائه في ذلك اليوم عند صف القوم في الحرب للقتال، ما ظهر خبره، واستفاض ذكره، وذلك بعد البيعة التي أخذها النبي «صلى الله عليه وآله» على أصحابه، والعهود عليهم بالصبر([1]).

فلجأت قريش إلى طلب الصلح، على أن يرجع النبي «صلى الله عليه وآله» بمن معه في عامه هذا، ثم يحجون في العام الذي بعده..

وتقرر كتابة كتاب في ذلك، ونزل الوحي على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأن يجعل أمير المؤمنين «عليه السلام» كاتبه يومئذٍ، والمتولي لعقد الصلح بخطه([2]).

وقبل متابعة الحديث نشير إلى ما يلي:

أولاً: لقد عَجزَ التاريخ عن الإفصاح عن حقيقة ما فعله علي «عليه السلام» حين اصطفاف الفريقين، وكيف استفاض ذكر ما جرى، وظهر خبره، ولم نجد منه شيئاً إلى يومنا هذا؟!

ألا يدلنا ذلك على أن ثمة يداً خائنة قد عبثت بالحقائق، وأسقطت ما أمكنها إسقاطه، أو حرفت ما لم يمكن التستر عليه.. مما يرتبط بأمير المؤمنين «عليه السلام»؟!

ثانياً: إن كتابة علي «عليه السلام» الكتاب في الحديبية كانت بأمر من الله تعالى، وهذا يدل على أن هناك شيئاً اقتضى هذا الأمر الإلهي.. فهل هو أنه سيجري له «عليه السلام» في واقعة التحكيم، مثل ما جرى في هذه الواقعة؟! أي أنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يخبر الناس بما سيجري لعلي في التحكيم ليكون ذلك من دلائل مظلوميته، ومن شواهد إمامته، ومن موجبات زيادة يقين الناس بهذا الأمر؟! أو لأنه لو تصدى غيره لكتابة الكتاب لم يحسن التصرف، أو كان قد تصرف على خلاف رضا الرسول «صلى الله عليه وآله»؟!

قد يكون كل ذلك مأخوذاً بنظر الإعتبار..


 

([1]) الإرشاد ج1 ص119 وبحار الأنوار ج20 ص358 والمستجاد من كتاب الإرشاد ص73.

([2]) الإرشاد ج1 ص119 وبحار الأنوار ج20 ص358 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص627.

 
   
 
 

موقع الميزان