وذكرت بعض روايات الواقدي
:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» دفع لواءه إلى أحد المهاجرين
،
فرجع، ولم يصنع شيئاً، فدفعه إلى آخر، فكذلك.. فدفع لواء الأنصار إلى
رجل منهم، فرد كتائب اليهود إلى الحصن.. فخرج ياسر ومعه جماعته، فكشف
الأنصار
حتى انتهى إلى
رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وعرض «صلى الله عليه وآله» الإسلام على أهل خيبر
، مقابل أن يحرزوا أموالهم ودماءهم، فرفضوا، فقال «صلى الله عليه
وآله»: لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله([1])،
ليس بفرار([2]).
ونقول:
1 ـ
قد تكتم الراوي على أسماء المهاجريَّيْنِ، والأنصاري، وإن كان قد ألمح
إلى الأنصاري بما يفهم منه أنه سعد بن عبادة.
2 ـ
رغم أن الأنصاري قد رد اليهود إلى حصونهم، فقد ظهر أن الراوي يرغب بأن
يساويه مع ذينك المهاجريَّيْنِ، حيث ذكر أنه كان يؤنب أصحابه على ما
جرى له..
3 ـ
إن الراوي قد أبهم التعابير، لكي لا يفهم الناس فرار المهاجريَّيْنِ،
مع أنه يذكر أنه صار يستبطئ أصحابه، بدلاً من كلمة «يجبِّن».. وكأنه
يريد أن يجعل التبعة على الأصحاب، لا على قائدهم.
4 ـ
إنه نسب اللواء الذي أعطي للمهاجري إلى رسول الله، ولكنه بالنسبة
للأنصاري، قال: أعطاه لواء الأنصار، ليعطي ميزة للمهاجري بأن رسول الله
من فئته.. وبأن اللواء الذي أعطاه إياه هو اللواء الأعظم.
ولكنه وقع في محذور نسبة الفرار بلواء الجيش كله إلى المهاجريَّيْنِ..
أما الأنصاري، فإنما فر بلواء الأنصار وحسب،
فما عمله
المهاجريَّان
يكون في غاية القبح، لأن فِرارهما ينسب لرسول الله، وللجيش كله، وفرار
الأنصاري ينحصر به وبقومه.
مع أنه قد أقر للأنصاري بتحقيق إنجاز هام عجز عنه المهاجريان، وهو أنه
رد كتائب اليهود
إلى حصنهم..
([1])
في الإمتاع ص314 لم يذكر كلمة «ويحب الله ورسوله».
([2])
المغازي للواقدي ج2 ص653 و654 وإمتاع الأسماع ص313 و314 و (ط
دار الكتب العلمية) ج13 ص333 والسيرة الحلبية ج3 ص34.
|