تقدم:
أن اليهودي لما سمع باسم علي «عليه السلام» قال: علوتم، والذي أنزل
التوراة على موسى.
ونقول:
ألف:
إن أبا نعيم
قال: «فيه
دلالة على أن فتح علي لحصنهم مقدم في كتبهم، بتوجيه من الله وجهه
إليهم، ويكون فتح الله تعالى على يديه».
وهي التفاتة
جليلة من أبي نعيم، ويؤيدها:
أولاً:
ما روي من أنه
«صلى
الله عليه وآله»
قال لعلي
«عليه
السلام»:
خذ الراية، وامض بها فجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في قلوب
القوم..
واعلم يا علي، أنهم يجدون في كتابهم:
أن الذي يدمر عليهم اسمه (إيليا)، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي.
فإنهم يُخذلون إن شاء الله تعالى الخ..([1]).
ثانياً:
إن مرحباً نفسه قد هرب لما سمع باسم علي
«عليه
السلام»،
وكانت ظئره قد أخبرته: بأن اسم قاتله حيدرة، وذلك يدل على أنها قد أخذت
ذلك من أحبارهم، الذين كانوا يخبرون عما يجدونه في كتبهم..
أما ما زعموه،
من
أنها قالت له ذلك: لأنها كانت تتعاطى الكهانة.
فهو مردود:
بأن تعاطيها الكهانة لا يعطيها
القدرة على معرفة الغيب الإلهي، فإنه تعالى وحده ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ
فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ
رَسُولٍ..﴾([2]).
ويشهد لما قلناه من أنهم يجدون ذكر ما يجري عليهم
في كتبهم:
أننا وجدنا في جملة الأقوال في تسمية علي
«عليه
السلام»
بحيدرة: أن اسمه في الكتب المتقدمة أسد، والأسد هو الحيدرة..
وتقدم وسيأتي أيضاً بعض الحديث عن ذلك، تحت عنوان:
«من
سمى علياً
«عليه
السلام»
بحيدرة»
إن شاء الله تعالى.
ب:
لعل هناك من
يريد اعتبار قول اليهودي:
علوتم (أو غلبتم) والذي أنزل التوراة على موسى، قد جاء على سبيل التفؤل
بالاسم..
ونحن وإن كنا
لا نصر على بطلان هذا الاحتمال، باعتبار أن الذين يشتد تعلقهم بالدنيا
يتشبثون ولو بالطحلب، ويخافون حتى من هبوب الرياح، ويتشاءمون ويتفاءلون
بالخيالات والأشباح..
غير أننا
نقول:
إنه مع وجود
الشواهد والمؤيدات لما ذكره أبو نعيم، لا يبقى مجال لترجيح هذا
الإحتمال..
ونزيد هنا:
أن ما أكد لهم صحة ما ورد في كتبهم، هو ما تناهى إلى مسامعهم من مواقف
علي «عليه
السلام»
التي تظهر أنه أهل لما أهَّله الله تعالى له، كما دلت عليه معالي أموره
في المواقع المختلفة في الحرب، وفي السلم على حد سواء.
ومن ذلك مبيته «عليه السلام» على فراش النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة
الهجرة، وجهاده في بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والنضير، و.. و.. الخ..
([1])
بحار الأنوار ج21 ص15 عن الإرشاد للمفيد ج1 ص126 وراجع: كتاب
الأربعين للماحوزي ص295 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص213.
([2])
الآيتان 26 و 27 من سورة الجن.
|