جراح
علي عليه السلام
في خيبر:
عن علي
«عليه السلام» قال:
جرحت في وقعة خيبر خمساً وعشرين جراحة، فجئت إلى النبي «صلى الله عليه
وآله»، فلما رأى ما بي بكى. وأخذ من دموع عينيه، فجعلها على الجراحات،
فاسترحت من ساعتي([1]).
ونقول:
دل هذا الخبر على ما يلي:
أولاً:
إن هذه الرواية لم تتضمن أمراً غير مألوف، فإن ما ذكرته من كثرة جراح
علي «عليه السلام» في خيبر لا توجب الريب فيها، فقد كان «عليه السلام»
وكأنه يقاتلهم وحده، حيث سبق الجميع إليهم. ولم يكن أحد أقرب إليهم
منه، وقد لحقوا به، وقد فتحها.. ولا بد أن تناله سهامهم ورماحهم، وحتى
سيوفهم. فلماذا لا تصيبه الجراحات الكثيرة، وهو يواجه عشرات، بل مئات
الرجال؟!
ثانياً:
إن للأنبياء، والأوصياء، والأولياء، وأدعيتهم، ولمساتهم، ولريقهم
وعرقهم، وكل ما هو منهم آثاراً لا يمكن إنكارها في الشفاء، وفي سائر
الأحوال، وفوائد جليلة وكبيرة، في الكثير الكثير من الموارد والحالات..
فما ورد في هذه الرواية من
تغير حال علي «عليه السلام» بمجرد جعل النبي «صلى الله عليه وآله» من
دموع عينيه على الجراحات، ليس بالأمر المستغرب، فكم لهذا الأمر من نظير
في حياته «صلى الله عليه وآله».
ثالثاً:
إن ذلك يسقط مقولات من ينكر التبرك والإستشفاء، بالأنبياء وبآثارهم،
وريقهم، ودموعهم، وعرقهم.
رابعاً:
يلاحظ: أن علياً «عليه السلام» لم يقل: فشفيت من ساعتي. بل قال:
فاسترحت من ساعتي، فالله تعالى يريد الكرامة الإلهية، والبركات النبوية
من جهة، ثم هو نيله ثواب الجهاد، ومعانات آلام الجراح من جهة أخرى.
([1])
كمال الدين وتمام النعمة ص542 وبحار الأنوار ج51 ص228 ومستدرك
سفينة البحار ج2 ص48 وإلزام الناصب ج1 ص270.
|