نقل عن خط
الشهيد رحمه الله ما يلي:
«قيل: كتب
النجاشي كتاباً إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال رسول الله «صلى
الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: اكتب جواباً وأوجز..
فكتب «عليه
السلام»:
«بسم
الله الرحمان الرحيم: أما بعد، فكأنك في الرقة علينا منا، وكأنا من
الثقة بك منك، لأنا لا نرجو شيئاً منك إلا نلناه، ولا نخاف منك أمراً
إلا أمناه، وبالله التوفيق».
فقال النبي
«صلى الله عليه وآله»:
الحمد لله الذي جعل من أهلي مثلي، وشد أزري بك»([1]).
ونقول:
أولاً:
قد تم الإستيلاء على هذا الوسام أيضاً، بالإستيلاء على سبب منحه، حيث
زعموا: أن عمرو بن أمية قال للنجاشي: كأنك في الرقة علينا منا، وكأننا
في الثقة بك منك، لأننا لم نظن بك خيراً قط إلا نلناه، ولم نحفظك على
شر قط (ولا نخاف أمراً منك) إلا أمناه إلخ([2])..
غير أن من الواضح:
أن عمرو بن أمية قد ذهب إلى الحبشة بعنوان رسول، فمتى توطَّن الحبشة،
ولمس رقة ملكها عليه، وتنامت ثقته به، حتى صار يشعر أنه منه، وحتى صار
لا يظن به خيراً إلا ناله إلخ..؟!
على أننا لم
نر في طريقة خطاب عمرو بن أمية ما يناسب خطاب مثله لمثله، ولا نرى أن
ملك الحبشة وأعوانه يرضى ويرضون بأن يبدأه بعبارة: عليَّ القول، وعليك
الإستماع.
وكذا قوله:
«وإلا، فأنت في هذا النبي الأمي، واليهود كاليهود في عيسى..»، بل هم
سوف يسكتونه فور سماع عبارته هذه.
ثانياً:
إن حامل الرسالة لملك الحبشة هو جعفر بن أبي طالب، وملك الحبشة أسلم
على يد جعفر، لا على يد عمرو بن أمية.
([1])
بحار الأنوار ج20 ص397 و (ط حجرية) ج6 ص571 ومستدرك سفينة بحار
الأنوار ج9 ص541 ومكاتيب الرسول ج2 ص453 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج17 ص28 عن نزهة الجليس (ط المطبعة الحيدرية) ج1
ص354 وراجع: ناسخ التواريخ، ترجمة رسول الله «صلى الله عليه
وآله» ومدينة البلاغة ج2 ص244.
([2])
مكاتيب الرسول ج2 ص447 عن السيرة النبوية لدحلان ج3 ص68
والسيرة الحلبية ج3 ص279 وزاد المعاد ج3 ص60 والروض الأنف ج3
ص304 والمصباح المضيء ج2 ص39 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص572
وج2 ص654 وعيون الأثر ج2 ص329 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1
ص259.
|