روى البخاري في صحيحه، قال:
حدثنا
موسى بن
إسماعيل،
حدثنا أبو عوانة عن حصين،
عن فلان،
قال:
تنازع أبو عبد
الرحمن وحبان بن عطية،
فقال أبو عبد الرحمن لحبان:
لقد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء،
يعني علياً.
قال:
ما هو؟!
لا أبا
لك.
قال:
شيء
سمعته يقوله.
قال:
ما هو؟!
قال:
بعثني رسول الله «صلى الله عليه وآله» والزبير،
وأبا
مرثد،
وكلنا فارس.
قال:
انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ. فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي
بلتعة إلى المشركين فأتوني بها.
فانطلقنا على
أفراسنا
حتى أدركناها
حيث قال لنا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، تسير على بعير لها.
ثم
ذكرت الرواية أنهم سألوها عن الكتاب فأنكرته، قال:
فأنخنا
بها بعيرها،
فابتغينا في رحلها،
فما وجدنا شيئاً،
فقال صاحبي:
ما نرى معها كتاباً.
فقلت:
لقد علمنا ما كذب رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
ثم حلف علي:
والذي يحلف به،
لتخرجن الكتاب أو لأجردنك.
ثم ذكرت الرواية:
إن
المرأة أخرجت لهم الكتاب من حجزتها، فأتوا به رسول الله «صلى الله عليه
وآله»،
فقال عمر:
يا رسول الله،
قد خان الله،
ورسوله،
والمؤمنين،
دعني
فأضرب
عنقه.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
يا حاطب،
ما حملك على ما صنعت؟!
قال:
يا رسول الله،
ما لي
أن لا
أكون
مؤمنـاً
بالله ورسوله،
ولكني
أردت
أن
يكون لي
عند القوم يد يدفع بها عن
أهلي
ومالي.
وليس من
أصحابك
أحد
إلا
له هنالك من قومه من يدفع الله به عن
أهله
وماله.
قال:
صدق.
لا تقولوا
إلا
خيراً.
قال:
فعاد عمر،
فقال:
يا رسول الله،
قد خان الله ورسوله والمؤمنين،
دعني فلأضرب
عنقه.
قال:
أوليس
من أهل
بدر؟!
وما يدريك لعل الله اطَّلع
عليهم،
فقال:
اعملوا ما شئتم فقد
أوجبت
لكم الجنة؟!
فاغرورقت
عيناه، فقال:
الله ورسوله
أعلم([1]).
ونقول:
أولاً:
إن علياً «عليه السلام» لم يكن هو المبادر لحرب الجمل وصفين والنهروان،
ليقال: إنه «عليه السلام» تجرأ على الدماء، بل كانوا هم الذين بغوا
عليه وقاتلوه..
ثانياً:
إن أبا بكر قد حارب المسلمين الذين لم يبايعوه، ولم يعطوه زكاة
أموالهم، وأصروا على تفريقها في فقرائهم([2]).
وقتل أيضاً:
مالك بن نويرة
بيد خالد بن الوليد، ووفر له أبو بكر الغطاء والحماية التامة، رغم أنه
زنى بإمرأته في نفس الليلة التي تلت قتله، وستأتي هذه القضية مع
مصادرها إن شاء الله.
فلماذا لا يقال:
إن أبا بكر قد تجرأ على الدماء؟!
ثالثاً:
إذا كان علي «عليه السلام» قد تجرأ على الدماء، لمجرد تهديده لتلك
المرأة بالقتل، فإن المتجرئ الحقيقي هو رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، لأنه هو الذي أمره بقتلها إن امتنعت عن إعطائهم الرسالة..
وإذا كان علي
«عليه السلام» متجرئاً، لأنه من أهل بدر، ولعل الله اطلع على أهل بدر
فقال: افعلوا ما شئتم، فإن ذلك لا يختص بعلي «عليه السلام»، بل يشمل كل
من حضر بدراً. ومنهم: طلحة والزبير وعمر وأبو بكر . فلماذا لا يقال: إن
الجرأة على الدماء كانت منهم؟!
رابعاً:
إن عمر بن الخطاب هو الذي تجرأ على الدماء حين قال لرسول الله «صلى
الله عليه وآله» عن حاطب: مرني بقتله.. وقد طلب هذا الطلب من رسول الله
«صلى الله عليه وآله» مرات كثيرة في العديد من المناسبات.
خامساً:
إن علياً
«عليه السلام» كان يدافع عن نفسه، ويدفع الناكثين والباغين عليه وعلى
الدين وأهل الدين، فهم المتجرؤون على الدماء، وعلى معصية رب الأرض
والسماء..
([1])
بحار الأنوار ج30 ص577 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج8 ص55
وعمدة القاري ج24 ص93 وإمتاع الأسماع ج13 ص378.
([2])
المصنف للصنعاني ج4 ص43 وج6 ص67 وج10 ص172 ومسند أحمد ج1 ص35.
|