لماذا علي عليه السلام؟!

   

صفحة : 258   

لماذا علي عليه السلام؟!:

وقد اختار رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» ليكون هو الذي يأخذ الراية من سعد.

أولاً: لأن علياً «عليه السلام» هو الذي يمثل النبي «صلى الله عليه وآله»، ويبلغ عنه.. وينطق باسمه، وأقرب الناس إليه.. فلا مجال للشبهة وللشك فيما يؤديه عنه..

ولو أن أي إنسان آخر جاء إلى سعد، وهو سيد الخزرج، وطلب الراية منه، فربما تحمل الحمية، والحساسيات القبلية سعداً إلى تكذيب ذلك الشخص، ولا سيما إذا أحس سعد بأن ثمة درجة من التحدي له، أو الإستهانة به، والمساس بكبريائه في ذلك..

ولا يؤمن بعد هذا من تطور الأمور، وتعصب قوم سعد لسعد، وسيجد الآخر من قومه، أو من فريقه من يتعصب له.. وهذا ما لا يريده رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصلاً، ولا سيما في هذا الظرف الحساس بالذات.

ثانياً: إن حكمة علي «عليه السلام» وحسن تصرفه، يمنع الكثير من ردات الفعل المحتملة، ويجعلها بلا مبرر.. لأنه «عليه السلام» لا بد أن يفهم سعداً أن الأمر ليس فيه إهانة ولا إذلال، وإنما هو مجرد تدبير اقتضته المصلحة العامة، ولأجل تسهيل الأمور، وبلوغ الأهداف، بمراعات توقعات قريش وبعض الإعتبارات التي ترتبط بموقع علي «عليه السلام» منها. وبغير ذلك من أمور.

ثالثاً: إن الراية حين تؤخذ بواسطة من هو دون سعد في المقام، أو في الشجاعة والإقدام، فإن ذلك يثير الشكوك حول سعد، ويذكي احتمال أن يكون قد صدر من سعد ما يشين، أو وقع في خطيئة، أو رذيلة أوجبت عقوبته بهذه الطريقة..

أما إذا أخذ الراية من هو أعظم من سعد أثراً، وأشد خطراً على الأعداء، باعتراف الناس كلهم، فإن الجميع سيشعر أن ذلك تدبير حربي جاء وفق الحكمة، وأنه لا بد منه ولا محيد عنه، وهو يهدف إلى تخويف المشركين من سطوة علي «عليه السلام»، وهزيمتهم روحياً بذلك.. لأن المشركين لا يخشون غير علي «عليه السلام» في ساحات النزال والقتال..

 
   
 
 

موقع الميزان