صفحة : 295-299   

مفاخرة شيبة والعباس وعلي عليه السلام:

عن ابن عباس، وعن الحارث الأعور قالا: افتخر شيبة بن عبد الدار والعباس بن عبد المطلب، فقال شيبة: في أيدينا مفاتيح الكعبة، نفتحها إذا شئنا، ونغلقها إذا شئنا، فنحن خير الناس بعد رسول الله.

وقال العباس: في أيدينا سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، فنحن خير الناس بعد رسول الله، (فقال: ظ) إذ مر عليهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» فأراد أن يفتخر، فقالا له: يا أبا الحسن! أنخبرك بخير الناس بعد رسول الله؟! ها أنا ذا.

فقال شيبة: في أيدينا مفاتيح الكعبة، نفتحها إذا شئنا ونغلقها إذا شئنا، فنحن خير الناس بعد النبي.

وقال العباس: في أيدينا سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، فنحن خير الناس بعد رسول الله.

فقال لهما أمير المؤمنين «عليه السلام»: ألا أدلكما على من هو خير منكما؟!

قالا له: ومن هو؟!

قال: الذي ضرب رقبتكما حتى أدخلكما في الإسلام قهراً.

قالا: ومن هو؟!

قال: أنا.

فقام العباس مغضباً حتى أتى النبي «صلى الله عليه وآله» وأخبره بمقالة علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فلم يرد النبي «صلى الله عليه وآله» شيئاً.

فهبط جبرئيل «عليه السلام»، فقال: يا محمد! إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ..([1]).

فدعا النبي «صلى الله عليه وآله» العباس، فقرأ عليه الآية، وقال: يا عم قم فاخرج، هذا الرحمان، يخاصمك في علي بن أبي طالب «عليه السلام»([2]).

ولكن نصاً آخر عن السدي يقول:

«قال عباس بن عبد المطلب: أنا عم محمد «صلى الله عليه وآله» وأنا صاحب سقاية الحاج، فأنا أفضل من علي [بن أبي طالب. أ].

[و] قال عثمان بن طلحة وبنو شيبة: نحن أفضل من علي [بن أبي طالب. أ، ر] فنزلت هذه الآية: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ علي بن أبي طالب [«عليه السلام». ب] ﴿لَا يَسْتَوُونَ..، ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ علي ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ([3])»([4]).

عن جعفر عن أبيه [«عليهما السلام». ر] قال: لما فتح النبي [ر: رسول الله] «صلى الله عليه وآله» مكة أعطى العباس السقاية، وأعطى عثمان بن طلحة الحجابة، ولم يعط علياً شيئاً.

فقيل لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»: إن النبي «صلى الله عليه وآله» أعطى العباس السقاية، وأعطى عثمان بن طلحة الحجابة، ولم يعطك شيئاً.

قال: [فقال. ر، ب]: ما أرضاني بما فعل الله ورسوله.

[قال: أ، ب] فأنزل الله [تعالى هذه الآية: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَوُونَ..﴾ إلى ﴿أَجْرٌ عَظِيمٌ([5])، نزلت في علي بن أبي طالب «عليه السلام»([6]).

ونقول:

إن ملاحظة الروايات المختلفة يعطي:


 

([1]) الآية 19 من سورة التوبة.

([2]) تفسير فرات ص165 و 166 وراجع ص167 و 168 وبحار الأنوار ج36 ص36 عنه، والفصول المهمة لابن الصباغ ص124 والبرهان (تفسير) ج3 ص384 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص69 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص343 وتفسير العياشي ج2 ص89 وشجرة طوبى ج1 ص153 وراجع: تفسير نور الثقلين ج2 ص194 وشواهد التنزيل ج1 ص329 وتأويل الآيات ج1 ص200 وغاية المرام ج4 ص76 ومجمع البيان ج5 ص27 و 28 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص609 وسفينة النجاة للتنكابني ص360.

([3]) الآيات 19 ـ 21 من سورة التوبة.

([4]) تفسير فرات ص167 وبحار الأنوار ج36 ص37 عنه، وراجع ج41 ص63  وشواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص325 و 327 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص608 وجامع البيان  ج10 ص124.

([5]) الآيات 19 ـ 22 من سورة التوبة.

([6]) تفسير فرات ص168 و 169 وبحار الأنوار ج36 ص37 عنه. وقصة الإفتخار هذه مروية عن الإمامين الباقر والصادق «عليهما السلام، وعبيد الله بن عبدة، وعروة وجابر، وعن الكلبي والحارث الأعور، والسدي. ورواها السيوطي في الدر المنثور ج3 ص218 عن ابن مردويه، وعبد الرزاق، وابن عساكر، وأبي نعيم، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن جرير، وابن أبي شيبة عن ابن عباس، وأنس، والشعبي، والحسن القرظي، وأسباب نزول الآيات ص182 عن بعض هؤلاء، ونقله في ينابيع المودة عن النسائي وجماعة آخرين. وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج8 ص91 والتفسير الكبير للرازي ج4 ص422 وتفسير الخازن ج2 ص221 وتفسير النسفي ج2 ص22 والفصول المهمة لابن الصباغ ص123 وتفسير القرآن العظيم، ونظم درر السمطين، وغير ذلك.

 
   
 
 

موقع الميزان