صفحة : 16-18   

فداك أبواي:

تقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» قال لعلي «عليه السلام» في قصة بني جذيمة: فداك أبواي، وعبارة اليعقوبي تشعر بأن قول النبي «صلى الله عليه وآله» هذه الكلمة لعلي «عليه السلام»، كان شائعاً ومعروفاً، فإنه قال: «ويومئذٍ قال لعلي: فداك أبواي» فكأن قوله هذا لعلي «عليه السلام» كان مفروغاً عنه، ولكنه أراد أن يعين مناسبة وزمان حصوله.

وذلك يدل على كذب ما زعموه: من أن هذه الكلمة قالها النبي لسعد بن أبي وقاص، ثم رووا عن علي «عليه السلام» قوله: ما سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» جمع أبويه إلا لسعد»([1]).

مع أنهم هم أنفسهم يدعون ـ زوراً أيضاً ـ أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال هذه الكلمة للزبير يوم أحد، وقريظة([2]).

والمهم عند هؤلاء المنحرفين عن علي «عليه السلام» هو جحد كل فضيلة له «عليه السلام»، أو التشكيك بها ولو عن طريق نسبتها إلى غيره بلفظ قيل، ونحو ذلك.

وقد فات هؤلاء: أن عبد الله وآمنة بنت وهب أجل وأعظم عند الله من أن يفدّي النبي «صلى الله عليه وآله» بهما سعداً والزبير، اللذين ظهرت منهما المخزيات، والموبقات بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فأما عبد الله، فقد روي عن ابن عباس، وأبي جعفر، وأبي عبد الله «عليهما السلام» عن قول الله عز وجل ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ([3]) قال: يرى تقلبه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح من لدن آدم «عليه السلام»([4]).

فهذا الحديث يدل على نبوة عبد الله ـ ولو لنفسه ـ ولا يمكن أن يكون أحد الأنبياء فداء لإنسان عادي، يرتكب المعاصي، ويقع في الموبقات.

قال المجلسي عن آباء النبي «صلى الله عليه وآله»: «بل كانوا من الصديقين، إما أنبياء مرسلين، أو أوصياء معصومين»([5]).


 

([1]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص241 والسيرة الحلبية ج2 ص229 وتاريخ الخميس = = ج1 ص433 والمجموع للنووي ج19 ص288 ومسند أحمد ج1 ص137 وصحيح البخاري ج3 ص228 وج5 ص32 و 33 وج7 ص116 وصحيح مسلم ج7 ص125 وسنن الترمذي ج4 ص211 وج5 ص314 وفضائل الصحابة للنسائي ص34 والمستدرك للحاكم ج2 ص96 والسنن الكبرى ج9 ص162 وشرح مسلم للنووي ج15 ص184 وفتح الباري ج6 ص69 وج7 ص66 وعمدة القاري ج14 ص142 و 185 وج17 ص148 و 149 وج22 ص204 والأدب المفرد للبخاري ص174 ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص63 وكتاب السنة ص600 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص61 وج6 ص56 و 57 و 58 و 59 ومسند أبي يعلى ج1 ص334 وج2 ص35 وصحيح ابن حبان ج15 ص447 ومصادر كثيرة أخرى.

([2]) السيرة الحلبية ج2 ص229 و 217 و 327 و 328 عن الشيخين، والترمذي، وحسَّنه، والتاريخ الكبير للبخاري ج6 ص139 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 و 10 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 وحدائق الأنوار ج2 ص590 عن الصحيحين، وصحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»، باب مناقب الزبير، وفضائل الصحابة للنسائي ص34 وفتح الباري ج10 ص469 وعمدة القاري ج14 ص142 وج16 ص225 وج22 ص204 وتحفة الأحوذي ج8 ص96 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص510 وج8 ص501 و 503 وكتاب السنـة ص597 والسنن الكـبرى للنسائي ج5 ص61 وج6 ص58 ومسند أبي = = يعلى ج2 ص35 والإستيعاب ج2 ص513 وكنز العمال ج13 ص206 و 208 و 210 و 211 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص106 وتاريخ ابن معين ج2 ص56 ومصادر كثيرة أخرى.

([3]) الآية 219 من سورة الشعراء.

([4]) راجع: بحار الأنوار ج15 ص3 وج16 ص204 وج86 ص118 وميزان الحكمة ج4 ص3019 ومجمع البيان ج7 ص358 والتفسير الصافي ج4 ص54 ونور الثقلين ج4 ص69 ومجمع البيان ج7 ص358 وتفسير الميزان ج15 ص336 ومدينة المعاجز ج1 ص347 ومجمع الزوائد ج7 ص86 وج8 ص214 وإختيار معرفة الرجال ج2 ص488 وتفسير السمعاني ج4 ص71 وتفسير القرآن العظيم= = ج3 ص365 ومعجم رجال الحديث ج18 ص132 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص235 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص49.

([5]) بحار الأنوار ج15 ص117.

 
   
 
 

موقع الميزان