صفحة : 65   

لا معنى للخوف إذن:

زعمت بعض المرويات:

أنه «صلى الله عليه وآله» قال لأبي بكر: «اقطع لسانه عني، وأعطه مئة»([1]).. وهذا غير صحيح:

أولاً: لأن ابن مرادس توهم أنه يريد قطع لسانه بالفعل([2])، وظن ذلك ناس آخرون([3]) وهذا الظن لا يتلاءم مع كلمة «عني» فإنها تدل عند جميع الناس أنه يريد أن يكون العطاء هو يقطع لسانه عن الكلام حول هذا الموضوع..

يضاف على ذلك قوله: وأعطه مئة من الإبل، فإنها تشير إلى إرادة تكريمه، لا إلى معاقبته بقطع لسانه على الحقيقة.

ثانياً: إن أبا بكر قد سعى إلى تغيير قرار النبي بقطع لسان الرجل، وصار يوضح للنبي أن كلام ابن مرداس لا يتضمن إساءة تستحق قطع لسانه، متهماً النبي «صلى الله عليه وآله» بأنه لم يفهم معنى كلام ابن مرداس.. فهل  بعد هذا يمكن أن يأمن النبي «صلى الله عليه وآله» على أبي بكر من أن يخطئ في فهم قوله: اقطع لسانه، فيقطع لسان الرجل على الحقيقة؟!..

ثالثاً: كانت هناك وحدة حال قائمة بين أبي بكر وعمر، فلعله ـ يتأثر بموقف عمر، ويقبل بتأويله لكلام النبي «صلى الله عليه وآله»، ويفسح المجال له ليقطع لسان الرجل بشفرته التي أهوى إليها ليسلها من وسطه.. ولسوف لن ينفع الندم والأسف بعد ذلك..


 

([1]) السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 عن الكشاف، وتفسير أبي السعود ج5 ص169 وتفسير الآلوسي ج15 ص65.

([2]) السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 والإرشاد للمفيد ج1 ص146 ـ 148 وكنز العمال ج10 ص517 وإعلام الورى ص125 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص237 وبحار الأنوار ج21 ص160 و 161 و 170 و 171 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص413 وأعيان الشيعة ج1 ص281.

([3]) السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص399.

 
   
 
 

موقع الميزان