صفحة : 66   

إخافة الناس بالمزاح لا تجوز:

وقد يقال: إن من المعلوم: أنه لا يجوز إخافة الناس بلا سبب يرضاه الله تعالى.. فكيف يخيف النبي «صلى الله عليه وآله» ابن مرداس بكلام كان أشد عليه من يوم خثعم، حين أتوهم في ديارهم؟!

وكيف يواصل علي «عليه السلام» إخافته بإيهامه أنه سينفذ فيه أمر النبي الذي يخشاه؟!

ونجيب:

أولاً: إن الحرام هو الفعل والقول الذي يدل دلالة قاطعة على ضرر يخشاه ذلك الشخص.. ولكن لو فعل أو قال ما هو حلال، وما له دلالة صحيحة على أمر مباح، لكن السامع أخطأ في فهمه، بسبب قلة تدبره في معناه، أو لخطأ السامعة عنده.. فليس هذا من الحرام في شيء، لأن المتكلم لا يتحمل مسؤولية الأخطاء التي يقع فيها السامع المقصر أو المخطئ في فهم معنى الكلام أو في سماعه.. وهذا بالذات هو ما جرى لعباس بن مرداس..

ثانياً: إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يخاطب ابن مرداس، بل كان خطابه موجهاً إلى علي «عليه السلام»، والمطلوب منه هو أن يُفْهِم مقاصده من يوجِّه خطابه إليه، بالطريقة التي يعرف أنه يفهم تلك المقاصد من خلالها.

وربما يكون هناك إشارات أو رموز بين المتخاطبين.. ولا يعنيه ما يفهمه الآخرون في شيء، فقد يفهمون شيئاً، وقد لا يفهمون، وقد يخطئون وقد يصيبون، وربما يكون قاصداً للتعمية عليهم.

وجواب علي لابن مرداس لم يتضمن جديداً، بل هو أكد له على عزمه على تنفيذ أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله».. لكي تحصل المفاجأة السارة التي ستتضاعف آثارها على ابن مرداس، من خلال زيادة البهجة، وعمق الفرحة، والسعادة، والشعور بالإمتنان بصورة أعمق وأصدق..

 
   
 
 

موقع الميزان