صفحة : 88-92   

فك الحصار لتسهيل الإستسلام:

وعن الإمام الصادق «عليه السلام» أنه «صلى الله عليه وآله» لما واقع ـ وربما قال: فزغ([1]) ـ رسول الله «صلى الله عليه وآله» من هوازن، سار حتى نزل الطائف، فحصر أهل وجٍ([2]) أياماً، فسأله القوم أن يبرح عنهم ليقدم عليه وفدهم، فيشترط له، ويشترطون لأنفسهم.

فسار حتى نزل مكة، فقدم عليه نفر منهم باسلام قومهم. ولم يبخع القوم له بالصلاة ولا الزكاة.

فقال «صلى الله عليه وآله»: إنه لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود. أما والذي نفسي بيده ليقيمُنّ الصلاة، وليؤتُنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليهم رجلاً هو مني كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، وهو هذا.

وأخذ بيد علي «عليه السلام» فأشالها.

فلما صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأقروا له بالصلاة، وأقروا له بما شرط عليهم.

فقال «صلى الله عليه وآله»: ما استعصى عليّ أهل مملكة، ولا أمة إلا رميتهم بسهم الله عز وجل.

قالوا: يا رسول الله: وما سهم الله؟!

قال: علي بن أبي طالب. ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملكاً أمامه، وسحابة تظله، حتى يعطي الله عز وجل حبيبي النصر والظفر([3]).

وهذا معناه: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد حقق نصراً عظيماً، يوازي ما حققه في غزوة الخندق وخيبر وسواهما..

ويدل على ذلك أيضاً: ما تقدم من أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال لأصحابه حين أرادوا أن يرتحلوا عن الطائف: «قولوا: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده»([4]).

فلو لم يكونوا منتصرين كانتصار يوم الأحزاب، لم يكن وجه لأمرهم بأن يقولـوا ذلك، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يطلق الشعـارات جزافاً.


 

([1]) الصحيح: فرغ.

([2]) وجّ: موضع بناحية الطائف. أو اسم جامع حصونها. أو اسم واحد منها.

([3]) الأمالي للطوسي ص516 و517 و (ط دار الثقافة ـ قم) ص505 وبحار الأنوار ج21 ص153 وج38 ص305 وج39 ص101 وج40 ص32 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص315 ومناقب أمير المؤمنين «عليه السلام» ج1 ص359 وشرح الأخبار ج2 ص414 والثاقب في المناقب ص121 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص67 و 77 ومدينة المعاجز ج2 ص308.

([4]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص388 عن الواقدي، وتاريخ الخميس ج2 ص112 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص114 وراجع المصادر المتقدمة.

 
   
 
 

موقع الميزان