ذكرت رواية ابن عباس والأزرق بن
قيس:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يجب نصارى نجران على سؤالهم عن عيسى.
بل قال لهم: ما عندي فيه شيء من يومي هذا([1]).
مع أن جعفر بن أبي طالب «رحمه الله» قد ذكر لملك الحبشة قبل ما يقرب
من خمس عشرة سنة الآيات التي تتحدث عن بشرية عيسى، وهي قوله تعالى:
﴿وَاذْكُرْ
فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً
شَرْقِيّاً، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً، قَالَتْ
إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً، قَالَ إِنَّمَا
أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً، قَالَتْ
أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ
بَغِيّاً، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً
مَقْضِيّاً، فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً،
فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا
لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنسِيّاً، فَنَادَاهَا
مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ
سَرِيّاً، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ
رُطَباً جَنِيّاً، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا
تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ
لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً، فَأَتَتْ
بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً
فَرِيّاً، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا
كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ
نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيّاً، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ
آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً، وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً
أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ
حَيّاً، وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً،
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ
أُبْعَثُ حَيّاً، ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن
وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن
فَيَكُونُ﴾([2])..
وفيها قوله تعالى:
﴿قَالَ
إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾..
بالإضافة إلى ما ورد في سورة آل عمران، وغيرها([3]).
كما أن الآيات التي نزلت إنما هي من سورة آل عمران، وقد
نزلت ثمانون آية منها دفعة واحدة.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ
مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ
قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾([4])
هي الآية التسعة والخمسون، فلماذا لم يقرأها عليهم مباشرة؟!
ولماذا يصر إلى أن تنزل عليه، فيقرؤها عليهم في اليوم
التالي كما تقدم؟!
([1])
بحار الأنوار ج21 ص286 وج35 ص263 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص378
ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص53 و (ط دار الكتب
العلمية) ص42 وتفسير الآلوسي ج3 ص186
وبحار
الأنوار ج18 ص420 و 473 عن مجمع البيان ج3 ص233 و 234 وعن
تفسير القمي، وعن إعلام الورى.
([2])
الآيات 16 ـ 35 من سورة مريم.
([3])
بحار الأنوار ج18 ص420
و413
و215
وعن
مجمع البيان ج3 ص233 و 234 وعن تفسير القمي، وعن إعلام الورى
(ط 2) ص53 ـ 55 و (الطبعة الأولى) ج1 ص133
وعن
الخرائج والجرائح
ص186.
([4])
الآية 59 من سورة آل عمران.
|