لم تذكر بعض المصادر علياً «عليه السلام» في حديث
المباهلة([1]).
والظاهر:
أنه تابع الشعبي في ذلك، فقد قال الطبري: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا
جرير، قال:
فقلت للمغيرة:
إن الناس يروون في حديث أهل نجران أن علياً كان معهم.
فقال:
أما الشعبي فلم يذكره، فلا أدري لسوء رأي بني أمية في علي؟! أو لم يكن
في الحديث؟!([2])..
ونقول:
قال الرازي وغيره عن الرواية التي تذكر علياً والحسنين
وفاطمة «عليهم السلام»: «إن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل
التفسير والحديث»([3]).
وقال الجصاص:
«فنقل رواة السير، ونقلة الأثر، لم يختلفوا فيه: أن
النبي «صلى الله عليه وآله» أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة «عليهم
السلام»، ثم دعا النصارى الذين حاجوه إلى المباهلة»([4]).
وقال الحاكم:
«تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس
وغيره: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أخذ يوم المباهلة بيد علي،
وحسن وحسين، وجعلوا فاطمة وراءهم الخ..»([5]).
وبعدما تقدم نقول:
لعل السبب في هذا التجني على الحقيقة هو أن هؤلاء لم
يجدوا أية فرصة لإقحام أي من الرموز التي ينتمون إليها في هذا الحدث
الهام جداً، ولم يمكنهم إنكار دلالة هذا الحدث على عظيم فضل علي «عليه
السلام».. حيث دلت الآية على أنه أفضل من جميع الأنبياء باستثناء نبينا
الأعظم «صلى الله عليه وآله»، فلجأوا إلى السعي لحجب إسم علي «عليه
السلام» عن التداول، توطئة لحجبه عن الذاكرة، على أمل أن يجدوا مخرجاً
لهم من هذه الورطة.
وكان الشعبي أحد رواد هذا التوجّه،
مع أنه يناقض نفسه في مورد آخر، فيروي أن المقصود بقوله: ﴿وَأَنْفُسَنَا﴾([6])
هو علي([7])
وسيكون له موقف بين يدي الله تعالى، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من
أتى الله بقلب سليم..
([1])
البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص65 وتفسير
القرآن العظيم ج1 ص378 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص103
والعجاب في بيان الأسباب ج2 ص685 والدر المنثور ج2 ص38 وتفسير
الآلوسي ج3 ص186 وإمتاع الأسماع ج14 ص69 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج9 ص75 و 88 وج24 ص16 و 17 وج33 ص24.
وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص419 عن الدلائل للبيهقي، وبحار
الأنوار ج35 ص262 و 263 وتفسير الميزان ج3 ص234 والمعجم الصغير
للطبراني ج1 ص199 وتاريخ مدينة دمشق ج13 ص25 وترجمة الإمام
الحسين «عليه السلام» لابن عساكر ص135.
([2])
جامع البيان (ط دار الفكر) ص407 و (ط دار المعرفة) ج3 ص210 وعن
زاد المعاد ج3 ص39 و40.
([3])
التفسير الكبير للرازي ج8 ص80 و (الطبعة الثالثة) ج8 ص85
وراجع: بحار الأنوار ج21 ص285 والإمام علي بن أبي طالب «عليه
السلام» للهمداني ص266 ومكاتيب الرسول ج2 ص506 عن النيسابوري
في تفسيره (بهامش الطبري) ج3 ص213 وأعيان الشيعة ج1 ص417.
([4])
أحكام القرآن للجصاص ج2 ص16 و (ط دار الكتب العلمية سنة
1415هـ) ج2 ص18 و (ط أخرى) ص295 و مكاتيب الرسول ج2 ص505.
([5])
معرفة علوم الحديث ص50 ومكاتيب الرسول ج2 ص505.
([6])
الآية 61 من سورة آل عمران.
([7])
دلائل الصدق ج2 ص85 والطرائف لابن طاووس ص47 وبحار الأنوار ج21
ص349 وج35 ص262 وتفسير فرات الكوفي ص87 ومجمع البيان ج2 ص311
وأسباب نزول الآيات ص68 وشواهد التنزيل ج1 ص159 ونهج الإيمان
لابن جبر ص346 والعمدة لابن البطريق ص191 عن المناقب لابن
= =
المغازلي ص263 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني
ص284 وخصائص الوحي المبين ص129 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج1
ص379 ومناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه ص226 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج14 ص138.
|