وقد ذكر بعضهم:
أن عمر قال للنبي «صلى الله عليه وآله»: «لو لاعنتهم
بيد من تأخذ؟!
قال:
آخذ بيد علي
وفاطمة والحسن والحسين، وعائشة، وحفصة. وهذا ـ أي زيادة عائشة وحفصة في
هذه الرواية ـ دل علىه قوله تعالى:
﴿وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ﴾([1])»([2]).
وعن الصادق
«عليه السلام» عن أبيه، في هذه الآية:
﴿تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا
وَأَبْنَاءَكُمْ﴾([3])
قال:
«فجاء
بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعلي وولده»([4]).
ونقول:
معنى هذا:
أن فاطمة ايضاً قد استبعدت من المباهلة لصالح ولد أبي بكر وعمر. وهذا
أيضاً يأتي في نفس الإتجاه الذي سار فيه الشعبي، وتابعه فيه ابن كثير،
كما ذكرناه في الفقرة السابقة.. ولكن الشعبي لجأ إلى طريقة التجاهل،
وإغفال ذكر علي «عليه السلام»، وهؤلاء هنا آثروا اعتماد طريقة الدس
الرخيص الذي لم يكن موفقاً كما سنرى، فلاحظ الأمور التالية:
1 ـ
إن ظاهر كلام هذا البعض أنه يستنبط إشراك عائشة من الآية الشريفة، وهي
قوله تعالى:
﴿فَقُلْ
تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾([5])،
ولو قبلنا بهذا لكان ينبغي إشراك أم سلمة وسواها من زوجاته «صلى الله
عليه وآله».
2 ـ
سيأتي: أن قوله تعالى:
﴿وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ﴾،
لا يقصد به الزوجات، ولا مطلق المرأة. بل المقصود به المرأة المسلمة
المعصومة الكاملة التي تكون شريكة في الدعوى وفي المباهلة لإثباتها..
ولا بد أن تكون عارفة بتفاصيل الدعوة، وأحكامها وسائر شؤونها، وتحملها
المسؤولية كاملة مع النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي والحسنين «عليهم
السلام».. ولولا هذه المعرفة التامة لكان هذا الإشراك ظلماً، لأنه
يجعلهم في مواجهة أمر له تبعات خطيرة جداً ما دام أن أحد طرفيها يستحق
نزول العذاب..
3 ـ
إن الحديث المنسوب إلى الإمام الصادق «عليه السلام» خلاف المتواتر
والثابت.
ويلاحظ:
أن الحديث قد رتب الأشخاص حسب ترتيب الخلافة!!
4 ـ
إن نظرة الإمام الصادق «عليه السلام» السلبية للخلفاء الذين استولوا
على الخلافة، وابعدوا علياً «عليه السلام» عنها، واعتبارهم معتدين
وغاصبين مما لا يمكن النقاش فيه، وهذه الرواية تناقض ذلك..
5 ـ
كيف بقيت هذه الرواية مخفية، ولا يهتدى إليها أحد من محبي الخلفاء طيلة
أكثر من قرن من الزمن.. رغم أن هذا الحدث قد عرف واشتهر، وذاع صيته في
كل ناد، وفي جميع البلاد.. وكذلك الحال بالنسبة لأخذه «صلى الله عليه
وآله» بيد عائشة وحفصة إلى المباهلة.. فإن ذلك لو كان لطبلوا له
وزمروا، وملأوا به الدنيا، وشغلوا به الناس..
([1])
الآية 61 من سورة آل عمران.
([2])
السيرة الحلبية ج3 ص212 و (ط دار المعرفة) ج3 ص236 والسيرة
النبوية لدحلان ج2 ص144 و 145 ومكاتيب الرسول ج2 ص506.
([3])
الآية 61 من سورة آل عمران.
([4])
الدر المنثور ج2 ص40 عن ابن عساكر، وتفسير المنار ج3 ص322
ومكاتيب الرسول ج2 ص507 وكنز العمال ج2 ص379 وتفسير الميزان ج3
ص244 وفتح القدير ج1 ص348 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص177 والإمام
علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص278.
([5])
الآية 61 من سورة آل عمران.
|