تقدم:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» حين أرسل علياً «عليه السلام» إلى اليمن
قال له: إذهب ولا تلتفت.. وهذه هي نفس الكلمة التي قالها «صلى الله
عليه وآله» له في خيبر حين أرسله لقتل مرحب فقتله، وقلع باب الحصن، ولا
ندري إن قد قال له هذه الكلمة في غير هذين الموردين.
ولعل سبب ذلك هو:
1 ـ
اشتراك خيبر واليمن في أن ظهور الإسلام فيهما فيه إسقاط لهيمنة اليهود
على المنطقتين، وكسر لشوكتهم، وإذلال لهم.
2 ـ
إن هذه الحادثة تمهد لإظهار مدى طاعة علي «عليه السلام»، وإلتزامه
بحرفية الأوامر النبوية، وعلى الناس أن يوازنوا بينه وبين غيره ممن
يحاولون مناوأته، ويعرضون صدورهم لأمور لا يقدرون عليها، أوليسوا أهلاً
لها، مع أنهم يتصرفون من خلال أهوائهم وطموحاتهم الدنيوية.
3 ـ
إن هذا التوجيه النبوي الكريم يعطي درساً في أنه يجب الكف عن التوسع
الإجتهادي في امتثال الأوامر الصادرة عن القيادة، ولا سيما إذا كانت
قيادة معصومة، مسددة بالوحي الإلهي..
4 ـ
هو يشير إلى أن من يكلفه النبي، والإمام والقائد المنصوب من أحدهما
بمهمة جهادية، فعليه أن يكون كل همه تنفيذ الأمر الصادر إليه، وإنجاز
المهمة، وأن يقطع تعلقاته بكل ما يمكن أن يصرفه عن مهمته هذه مهما
كان..
|