صفحة : 161   

لا تقاتلهم حتى يقاتلوك:

وكان علي «عليه السلام» يعرف ما كان يجب عليه فعله.. ولكنه أراد أن يسمع الناس كيف أن النبي «صلى الله عليه وآله» يحتم على الناس أن لا يقاتلوا أحداً حتى يقاتلوهم.. لأن المهمة منحصرة في الدعوة إلى الله، وإصلاح أمر الناس، وسلوك طريق الرشاد والسداد.

فما ذكرته بعض الروايات المتقدمة، من أنه «عليه السلام» لما وصل إلى أدنى ما يريد من مذحج فرق أصحابه، فأتوه بنهب وسبايا، قبل أن يلقى لهم جمعاً، فلما لقيهم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، لا يتنافى مع ما ذكرناه. لأن الأصحاب هم الذين أتوا بالنهب والسبايا، ولعله بمبادرة منهم، ولكنه «عليه السلام» لم يتصرف بما جاؤوا به، بل جمعه في مكان، ووكل به من يحفظه حتى يدعو أهل الحي، فإن قبلوا الدعوة رد المال والسبي إليهم، وإن أبوا كانوا من المحاربين.. فيجري عليهم أحكام أهل الحرب.. فيكون ما فعله «عليه السلام» منسجماً مع وصية النبي «صلى الله عليه وآله» له بأن لا يقاتلهم حتى يقاتلوه؟! فهو لم يقاتلهم، ولا دليل على أنه رضي من أصحابه ما فعلوه، بل ظاهر فعله أنه لم يرض به. ولعل الرواية مختصرة، أو أن ما فعله خالد نسب لعلي «عليه السلام».

وكثرة أفراد السرية لم يكن لأجل أن مهمتهم كانت قتالية، بل لأجل صيانة حرية الدعاة، وحفظهم من أي سوء قد يتعرضون له من أهل العدوان أو الطغيان..

 
   
 
 

موقع الميزان