صفحة : 288   

هل حديث المنزلة خاص بتبوك؟!:

وقال بعضهم: «هارون لم يكن خليفة موسى، إلا في حياته لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى، بل المراد استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك، كما استخلف موسى هارون عند ذهابه إلى الطور، لقوله تعالى: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي([1])»([2]).

ونقول:

أولاً: إن هذا يؤدي إلى أن يكون قول النبي «صلى الله عليه وآله» متناقضاً، إذ لو كان المقصود هو خلافته له في حياته في خصوص غزوة تبوك لم يكن معنى لقوله: «إلا أنه لا نبي بعدي»، بل كان الأحرى أن يقول: إلا أنه لا نبي معي..

ثانياً: إن كان المراد استخلافه «عليه السلام» في خصوص غزوة تبوك، فلا حاجة إلى حديث المنزلة من الأساس، لأنه «صلى الله عليه وآله» قد استخلف ابن أم مكتوم وغيره على المدينة مرات كثيرة: في بدر، والفتح، وقريظة، وخيبر و.. و.. إلخ..

ثالثاً: العبرة إنما هي بعموم اللفظ، لا بخصوصية المورد، فكيف إذا تضمن الكلام ما يشبه التصريح باستمرار المنزلة إلى ما بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

ويوضح ذلك: أن هارون، وإن كان قد خلف موسى عند ذهابه إلى الطور، لمنزلته منه.. فإنه أيضاً له منزلة الشراكة في الأمر، والشريك يتابع أمور شريكه في حياته وبعد وفاته، وله «عليه السلام» أيضاً منزلة الأخوة، فلو أن موسى «عليه السلام» مات قبل هارون، فإن هارون لا بد أن يتابع أمور شريكه ويرعاها بعد وفاته، كما أنه سيكون بسبب أخوته أولى بأخيه من جميع بني إسرائيل، وسيقوم مقامه في كل ما هو من شؤون الأخوة والشراكة.


 

([1]) الآية 142 من سورة الأعراف.

([2]) فتح الباري ج7 ص60.

 
   
 
 

موقع الميزان