وتذكر الروايات:
أنه «صلى الله عليه وآله» وهو عائد من تبوك إلى المدينة مروا بمساكن
ثمود، وحدث أصحابه ببعض ما جرى لهم.. وقال:
«ألا أنبؤكم بأعجب من ذلك؟! رجل من أنفسكم، فينبؤكم بما
كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله تعالى لا
يعبأ بعذابكم شيئاً الخ..»([1]).
ونقول:
لقد اقتصر «صلى الله عليه وآله» على ذكر علامة واحدة
لرجل هو من أنفسهم، ينبؤهم بما كان وما هو كائن، ثم أمرهم «صلى الله
عليه وآله» بالإستقامة والسداد..
ولم يخبرهم بما سيكون حالهم معه، وحاله معهم، ربما لكي
لا تتوهم الجبرية في جريان الأمور.. وليفهمهم أن الأمر بيدهم، فإن
التزموا طريق الإستقامة على جادة الحق، والسداد في الأقوال والأفعال
ربحوا، وإلا فسينالهم ما نال قوم صالح حين عقروا الناقة، ولا يعبأ الله
بعذابهم شيئاً.
ثم قدم لهم دليلاً حسياً، فأخبرهم بما يجري في تلك
الليلة مباشرة، مما لا يمكن أن يعلمه أحد إلا الله تعالى.. ثم أمرهم
بأمره، ثم ظهر صدق كلامه في تلك الليلة بالذات، وجرى عليهم نفس ما وصفه
لهم..
([1])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 و 447 عن مالك، وأحمد، والبخاري،
ومسلم، وابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج8 ص125
(4419) ومسلم ج4 ص2286 (38 و 39/2980) وأحمد ج2 ص9 و 58 و 72 و
74 و 113 و 137 والبيهقي في الدلائل ج5 ص233 وفي السنن ج2 ص451
والحميدي (653) وعبد الرزاق (1625) والطبراني في الكبير ج12
ص457 وانظر الدر المنثور ج4 ص104.
|